الاعتقالات تتواصل في السودان … وتظاهرات اليوم تتجه نحو البرلمان

0

اعتقلت الأجهزة الأمنية في السودان، الأحد، عضو المجلس السيادي السابق، محمد الفكي، الذي أكد خلال مقابلة مع «القدس العربي» نشرت في العدد الأسبوعي أمس، رفض قوى «الحرية والتغيير» الحوار والشراكة مع العسكريين، وعملهم على إعادتهم إلى ثكناتهم. كما توقع أن يتم اعتقاله في أي وقت، بعد اعتقال الأجهزة الأمنية لعدد من قيادات «الحرية والتغيير».

كذلك اعتقلت السلطات في الولاية الشمالية عشرات المحتجين خلال محاولتها فضّ ترس «حفير مشو» القريب من مدينة دنقلا عاصمة الولاية الشمالية، فيما دعت تنسيقيات لجان مقاومة ولاية الخرطوم لتظاهرات مليونية، اليوم، تطالب بإسقاط الانقلاب العسكري، والحرية للمعتقلين.

وتتجه التظاهرات في مدن العاصمة السودانية الثلاث (الخرطوم، الخرطوم بحري، أمدرمان) نحو مباني البرلمان السوداني، في مدينة امدرمان غربي الخرطوم، في وقت لم تعلن عن المسارات ونقاط التجمع بعد.

وقالت تنسيقيات لجان المقاومة في الخرطوم إن اختيار «البرلمان» كوجهة للتظاهرات، يأتي باعتباره مركز سلطة الشعب وقراره وللتأكيد على حق الشعب في الاختيار.

 

رفض الانقلابيين

 

وأضافت: الشعب اختار رفض الانقلابيين والمضي قدماً نحو تجسيد شعارات الحرية والسلام والعدالة وانتزاع السلطة المدنية الكاملة تخليداً لتضحيات «شهدائنا الأمجاد».

وأوضحت تنسيقيات لجان مقاومة الخرطوم، في بيان أمس، أن مليونية الإثنين ستكون تحت شعار «الحرية للمعتقلين» مؤكدة أن المقاومة السلمية للانقلاب ستتواصل وتتخذ في أشكالها وتكتيكاتها من «عظمة التجربة السودانية الطويلة في اقتلاع الدكتاتوريات وتصفيتها».

وأضافت: «قامت السلطات الانقلابية الغاشمة كعادة كل الشموليات بقيادة حملة اعتقالات طالت شباب وشابات لجان المقاومة وعددا من الكيانات المُجتمعية والسياسيةـ ملفقة لبعضهم تهم المكيدة السياسية، ظناً من هذه السلطة الزائلة لا محالة، أن تكميم الأفواه والحرمان من الحرية التي هي حق أساسي قد يمنع شعبنا الظافر من المواصلة في دربه نحو إسقاطهم، ولكن هيهات».

وتابعت: مليونية «الحرية للمعتقلين» تمثل أفق تضامننا القوي مع حق الحرية، وحق السودانيين في التمتع بها، مؤكدة رفضها القاطع لعسكرة الدولة والحياة العامة، وأن ساعات الظلم مهما طالت إلى زوال لا محالة.

وحسب الهيئة القانونية للدفاع عن المتأثرين بالقتل الجزافي والاحتجاز غير المشروع، تجاوز عدد المعتقلين تعسفيا في سجن سوبا، جنوبي الخرطوم، المئة.

وقالت في بيان إن الأجهزة الأمنية قبضت عليهم في مناطق متفرقة من ولاية الخرطوم واحتجزتهم احتجازا غير مشروع في سجن سوبا دون اتخاذ أي إجراء قانوني ضدهم.

كما أكدت الهيئة تعرّض المقبوضين في قضية ضابط الشرطة علي بريمة للتعذيب، مشيرة إلى أن من بين المعتقلين طفلا يبلغ من العمر 17 عاما، تم اعتقاله من أمام مستشفى رويال كير، شرق الخرطوم، بعد إصابته في تظاهرات 13 يناير/ كانون الثاني الماضي.

وحسب الناشط الحقوقي، عبد الباسط الحاج، الذي تحدث لـ«القدس العربي» يصنف الاعتقال التعسفي ضمن انتهاكات حقوق الإنسان وفقاً للمادة التاسعة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و«لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسُّفًا».

وشدد على أن أي أمر قبض أو توقيف يجب أن يكون وفقا لإجراءات قانونية مشروعة، بعد التأكد من وجود بينات أولية تشير إلى علاقة الشخص بالمخالفة القانونية، مشيراً إلى أن الاتفاقيات الدولية التي وقع عليها السودان وأصبحت جزءا لا يتجزأ من الدستور، منحت الشخص المعتقل أو المقبوض، الحق في معرفة أسباب الاعتقال والحق في التحري بوجود محام يدافع عنه، بالإضافة إلى الحق في السلامة الشخصية من التعذيب وكل صنوف المعاملة القاسية، والحق في التواصل مع أسرته.

وأضاف: لا يجوز قانونا الاعتقال عبثاً أو دون مسوغ قانوني، مشيرا إلى أن أي اعتقال مسبق دون فتح بلاغات أو حالة الاشتباه يعتبر اعتقالا تعسفيا خارج القانون وممنوعا وفق القانون الدولي لحقوق الإنسان، وكذلك نصوص القانون الجنائي السوداني.

وأكد أن قائد الجيش لا يملك الحق،ا في إعلان حالة الطوارئ بصورة فردية، حسب نصوص الدستور التي نصت على التشاور مع مجلس الوزراء والمجلس التشريعي بالموافقة على حالة الطوارئ.

وفي رده على دعوات قائد الجيش للتواصل مع لجان المقاومة، أكد المتحدث الرسمي باسم لجان مقاومة الصالحة في أمدرمان فيصل السعيد، في تعميم صحافي، عدم ارتباطه بأي علاقة مع المكون العسكري الانقلابي أو وجود نقاط اتفاق معهم على الإطلاق.

وأبدى استغرابه من طلب البرهان التنسيق مع من يقومون بقمع المواكب السلمية.

وأضاف: من أكبر أسباب خلافاتنا مع «الحرية والتغيير» أنها تشاركت الحكم مع العسكريين، مشددا على أن المساواة بين العسكريين وأي من المكونات المدنية مرفوض تماما.

وأكد قائد الجيش خلال مقابلة أجراها معه التلفزيون السوداني الجمعة، أن الحوار مفتوح مع الجميع، وأن الشباب هم أصحاب الحق في بناء الدولة السودانية، وقال «سبق أن أجرينا حوارات متعددة معهم، وما زلنا نجري ونستمع لعدد كبير منهم».

 

ترس الشمال

 

في الموازاة، اعتقلت السلطات في الولاية الشمالية، عشرات المحتجين، خلال محاولتها فض ترس «حفير مشو» القريب من مدينة دنقلا عاصمة الولاية الشمالية، واحتجزتهم في قسم شرطة دنقلا، حسب شهود عيان.

وأغلق المزارعون ولجان المقاومة وأجسام مطلبية أخرى في الولاية الشمالية، طريق شريان الشمال الذي يربط السودان بمصر «ترس الشمال» بعد زيادة السلطات لتعريفة الكهرباء، بالتزامن مع الموسم الزراعي هناك، الأمر الذي اعتبره مواطنو الولاية الشمالية تهديدا مباشرا لمصدر رزقهم الأساسي، حيث يعمل معظمهم في مجال الزراعة والخدمات والصناعات المتعلقة بها.

ولكن سرعان ما تطورت مطالب المواطنين لتشمل إعفاء المشاريع الزراعية من الكهرباء تعويضا لخسائر الموسم الحالي، وإعطاء الولاية الشمالية نصيبها من كهرباء سد مروي يقع داخل الولاية، فضلا عن إعطاء الولاية نصيبها من عائدات التعدين.

وتشمل المطالب أيضا وضع تعامل واحد متفق عليه وملزم لدخول الشاحنات لحدود السودان ومصر وتطبيق معايير السلامة لشاحنات البضائع بإنشاء نقاط موازين على الطريق القومي، بالإضافة إلى إصدار قرار يمنع تصدير أي خام سوداني إلا بعد إدخاله في صناعات تحويلية وإنشاء منطقة تجارية حرة، في وقت رفعت لجان المقاومة في الولاية الشمالية وبعض القوى السياسية، شعارات إسقاط الانقلاب وتسليم السلطة للمدنيين.

 

توقيف عضو المجلس السيادي السابق محمد الفكي

 

وفي الأثناء، كشف مدير جامعة النيلين البروفيسور محمد الأمين أحمد، أن تجمع أساتذة جامعة النيلين بصدد تقديم رؤية للتوافق الوطني والوصول إلى خريطة طريق للانتقال الديمقراطي والتحول المدني.

وأكد خلال مخاطبته منبر الحوار السوداني الذي نظمه تجمع الأساتذة بمباني الجامعة، مساندتهم للحراك الثوري الرافض لانقلاب 25 اكتوبر/تشرين الأول ومطالب الشارع السوداني بالتحول الديمقراطي والحكم المدني.

وأبرز ملامح رؤية التوافق الوطني، حسب رئيس تجمع أساتذة جامعة النيلين البروفيسور محجوب أبشر «العمل على تكوين حاضنة وطنية عريضة داعمة للانتقال الديمقراطي، والاتفاق على معايير وآليات اختيار السلطة، والاتفاق على تشكيل المجلس التشريعي، بالإضافة إلى العمل على إعداد إعلان ميثاق سياسي يشمل الإعلان الدستوري الحاكم للفترة الانتقالية، وتكوين المفوضيات واستكمال ملف السلام».

ومنذ 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، يشهد السودان أزمة سياسية واحتجاجات تطالب بـ«حكم مدني ديمقراطي كامل» وترفض إجراءات استثنائية اتخذها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وأبرزها فرض حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين.

ويقول الرافضون لإجراءات البرهان إنها تمثل انقلابا على مرحلة انتقالية بدأت في 21 أغسطس/ آب 2019، ومن المفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقعت اتفاق سلام مع الحكومة في 2020.

وفي أكثر من مناسبة، نفى البرهان قيام الجيش بانقلاب عسكري، واعتبر أن إجراءاته تستهدف «تصحيح مسار المرحلة الانتقالية» وقال إنه لن يتم تسليم السلطة إلا لمن يأتي عبر الانتخابات أو توافق سياسي.

 

وثيقة أممية مرتقبة

 

كذلك أعلنت البعثة الأممية في السودان «يونيتامس» الأحد، عزمها إعداد «وثيقة موحدة» حول نقاط التوافق بين أطراف الأزمة السياسية في البلاد.

جاء ذلك في ببان صادر عن البعثة، غداة إعلانها الخميس، انتهاء مشاورات أولية قادتها منذ 8 يناير/كانون الثاني الماضي، مع مختلف الفرقاء السودانيين، بهدف حل الأزمة السياسية في البلاد.

وقالت البعثة إنها تعتزم «إعداد وثيقة موحدة تسلط الضوء على المجالات الرئيسية للتوافق بين مختلف الجهات السودانية المعنية بشأن الأمور المثيرة للجدل المتعلقة بالانتقال (نقل السلطة)».

وأضافت: «كانت عملية المشاورات قيمة في السماح لنا بالاستماع إلى وجهات النظر المختلفة والمقترحات من الشعب السوداني لتجاوز الأزمة الحالية». وأوضحت أن المرحلة الأولى للمشاورات «اختتمت برؤى ملهمة لأصحاب المصلحة السودانيين على الطريق إلى الأمام».

ولم تذكر البعثة تفاصيل أكثر عن ماهية الوثيقة أو نقاط التوافق بين أطراف الأزمة السودانية.

 

خروج المسلحين من المدن

 

في سياق آخر، وجّه مجلس الدفاع والأمن السوداني، بالتوفير الفوري للاحتياجات اللوجستية للحركات الموقعة للسلام لتنفيذ قرار إخلاء قواتها من المدن.

جاء ذلك في اجتماع اللجنة الفنية بمجلس الأمن والدفاع (أعلى هيئة أمنية بالبلاد) برئاسة عبد الفتاح البرهان، حسب بيان صادر عن الجيش. وذكر البيان أن «الاجتماع استمع إلى حيثيات أمنية واستخباراتية جنائية تطرقت إلى مجمل الأوضاع الأمنية في البلاد».

وأضاف «وأصدر الاجتماع عددًا من التوجيهات أهمها التوفير الفوري للاحتياجات اللوجستية للحركات الموقعة على اتفاق السلام لتنفيذ قرار إخلاء قواتها من المدن».

وفي 2 فبراير/شباط الجاري، أعلن رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، الاتفاق على إخلاء المدن من كل قوات الحركات المسلحة خلال أسبوع من ذلك التاريخ.

ووقعت الخرطوم، في أكتوبر/ تشرين أول 2020، اتفاقا لإحلال السلام مع حركات مسلحة ضمن تحالف «الجبهة الثورية» فيما تخلفت عن الاتفاق «الحركة الشعبية ـ شمال» بزعامة عبد العزيز الحلو، وحركة «تحرير السودان» بقيادة عبد الواحد نور، التي تقاتل القوات الحكومية في دارفور.

وتضمنت الترتيبات الأمنية للاتفاق تشكيل قوات مشتركة بين القوات الحكومية والحركات المسلحة، تحت اسم «القوى الوطنية لاستدامة السلام في دارفور» بهدف حفظ الأمن وحماية المدنيين.

القدس العربي

قد يعجبك ايضا

اضف ردك !

Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com