فتح معبر القلابات حدود مشتعلة .. بعد “التصعيد” هل ستصمد التهدئة؟

0

منذ عقود يسود نزاع بين “الخرطوم وأديس أبابا” بشأن منطقة الفشقة (الخصبة) الحدودية المجاورة لدولة إثيوبيا، وحينما ترتفع درجة التوتر بين الجارتين تتخذ الخرطوم خطوات بينها إغلاق معبر القلابات في وجه الأفراد وحركة التجارة.

وقُبيل أكثر من (3) أسابيع أعلنت الخرطوم إغلاق المعبر، لكن هذه المرة لم يكن القرار لـ”تداعيات الصراع الدائر في إقليم تيغراي، أومشروع سد النهضة”، بل كان رداً على مقتل (7) جنود ومدني كانوا أسرى لدى الجيش الإثيوبي، إلى أن اللجنة الفنية لمجلس الأمن والدفاع قرّرت، الأحد الفائت، فتح معبر القلابات الحدودي مع إثيوبيا اعتباراً من يوم الأحد أمام الحركة بين البلدين طبقاً للإجراءات القانونية المتعارف عليها، فهل ستصمد خطوات التهدئة؟

 

الخرطوم: مهند بكري

مهمة صعبة!

يقول الخبير الأمني والاستراتيجي الفاتح عثمان محجوب إن خطوة فتح معبر القلابات الحدودي مع إثيوبيا يعتبر بمثابة رد لتحية إثيوبيا التي قدمت التزاماً واضحاً بمنع تكرار عبور المسلحين الإثيوبيين للسودان.

وأشار محجوب في حديثة لـ(اليوم التالي) إلى أن الخطوة أيضاً هي مهمة لعودة العلاقات بين البلدين إلى حالتها الطبيعية ودلل حديثه بأن فتح المعبر يعني عودة انسياب التجارة الحدودية بين الدولتين وكذلك حركة الأفراد من وإلى كل دولة على حده.

وبشأن إعلان الناطق الرسمي للقوات المسلحة أن السودان سيلتزم بتكثيف الرقابة على الحدود الدولية، يؤكد أن الحكومة الإثيوبية التزمت أيضاً للحكومة السودانية بمنع أي نقل للمسلحين من وإلى إثيوبيا في إشارة للالتزام بمنع تسلل المعارضين المسلحين الإثيوبيين للالتحاق بالعمل العسكري ضد حكومة إثيوبيا.

وتابع: “إذن الحكومة السودانية بإعلانها فتح معبر القلابات الحدودي قد طوت فعلياً صفحة التوتر مع إثيوبيا وباتت العلاقات تشهد مرحلة جديدة بالتعاون التجاري والاقتصادي وربما التنسيق السياسي والأمني بين البلدين.

ووصف محجوب خطوات التهدئة بالصعبة، بيد أنه عاد وقال: “هي ليست مستحيلة حال توفر الإرادة بين الطرفين”.

لقاءٌ أسكت طبول الحرب!

تقول السلطات السودانية بحسب مكتب الناطق الرسمي للقوات المسلحة، إن الخطوة تأتي في مقابل إجراءات حُسن النية التي أبداها الجانب الإثيوبي في منع تسلل العناصر المسلحة إلى الأراضي السودانية.

ووجّهت اللجنة بتكثيف مراقبة الحدود الدولية، ومنع حركة أي عناصر مسلحة بين البلدين، مع إحكام التنسيق بين الجانبين.

وبحسب الخبير في مجال إدارة الأزمات والتفاوض اللواء د. أمين إسماعيل مجذوب فإن اللقاء الذي تم بين الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة ورئيس الوزارء الإثيوبي أبي أحمد على هامش قمة الإيقاد بالعاصمة نيروبي أزال كل الجليد وأعاد العلاقات بين البلدين إلى طبيعتها بعد الحادثة المؤسفة بمنطقة الفشقة.

وبموجب هذا الحادث تم إغلاق معبر القلابات، ولكن التداخل القبلي والتجارة البينية بين البلدين عبر المعبر كانت من المهم بالضرورة أن يتم فتحه، وتابع: “أولا ًالتجارة البينية بين البلدين ثانياً التصاهر والتزاوج بين القبائل المشتركة في الحدود بين الدولتين علاوة على الناحية الاقتصادية والعمال الذين يأتون من داخل إثيوبيا للمشاركة في الزراعة وفي فترة الحصاد ليعملوا بالأجر، ثم يعودون إلى إثيوبيا” لذلك كانت هذه هي العوامل المهمة جداً التي أدت إلى فتح المعبر، وأضاف: مجلس الأمن والدفاع قرر هذه الخطوة بمراقبة الحدود والاطمئنان من الجانب الإثيوبي الذي تعهد بمنع كل المليشيات الموجودة (الشفتة وحتى المتفلتين من القوات الإثيوبية) بالابتعاد عن المنطقة وعدم تنفيذ أي هجومات أو اختطاف مما يعكر صفو الأمن وصفو العلاقات بين البلدين.

في تقدير أن إثيوبيا قد تكون وعت الدرس تماماً وأن أي خطوات لا تصب في مصلحة استقرار الحدود ستكون هي الخاسر الأول فيها لجهة أنها دولة حبيسة تعتمد على السودان في تجارتها البينية ويعتمد العمال الإثيوبيون بالعمل داخل المدن السودانية وبالتالي هنالك عملة حرة تقدر بحوالي 250 مليون دولار تحول شهرياً لجميع العمالة الموجودة في كل مناطق السودان المختلفة.

جذور الصراع!

ويقول المؤرخون إن جذور الصراع بين البلدين حول منطقة الفشقة الحدودية الخصبة تعود إلى بداية القرن العشرين، وذلك بعد أن وقعت إثيوبيا وبريطانيا (نيابة عن السودان التي كانت تحتلها) معاهدة في 15 مايو 1902 تنص على أن حدود السودان الدولية تمتد إلى الشرق من الفشقة، ما يعني أن الأرض ملك للسودان، التي بدورها سمحت للإثيوبيين للعيش بالمنطقة وممارسة الزراعة.

لكن الحال تغير في تسعينيات القرن الماضي بعدما استولت عصابات إثيوبية على أراضي مزارعين سودانيين في منطقة الفشقة، بعد طردهم منها بقوة السلاح، وبقي الحال كذلك طوال الـ26 عاماً الماضية، قبل أن يعيد السودان نشر قواته هناك في نوفمبر 2020، ويعلن في منتصف العام 2021 بسط سيطرته الكاملة عليها.

بدوره أوضح رئيس مفوضية الحدود د. معاذ تنقو، أن جميع الدول بما فيها العربية والخليجية تم تمليكها معلومات خاطئة حول أراضي الفشقة المحتلة، وتعتبر المنطقة المتنازع عليها مركزاً رئيسياً لزراعة وإنتاج القمح في السودان، ويقول تنقو: “هنالك خلل كبير جداً في الادعاء الاثيوبي حول الفشقة” متهماً الجانب الإثيوبي بالتهرب من الإشارة إلى الأراضي المحتلة في خرائطهم، وأشار إلى الأضرار التي لحقت بالمواطنين في الفشقة وعمليات التهجير القسري التي تقوم بها المليشيات الإثيوبية.

وأكد تنقو تمسك الجانب السوداني بالحل في إطار القانون الدولي والاتفاقيات المبرمة في وقت سابق مع السُلطات الإثيوبية لإنهاء الملف.

قد يعجبك ايضا

اضف ردك !

Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com