السياسات الاقتصادية.. المضي نحو التمزيق الاجتماعي والاقتصادي

0

في الآونة الأخيرة تعمدت الحكومة – عبر سياساتها تجاه الاقتصاد – تطبيقاً لزيادات طالت أهم السلع الاستراتيجية والخدمات الضرورية التي تمثل بالنسبة للمواطن أمناً وطمأنينة لحياته، بل تضمنت تلك السياسات تغييرات كبيرة متعلقة برفع أسعار الوقود ودقيق الخبز والسكر والكهرباء والدواء، هذا بالإضافة إلى رسوم الخدمات الصحية في المستشفيات العامة والخاصة، ويعتبر هذا نهجاً مارسته الحكومة عبر المؤسسات والهيئات التي تتبع لها، في وقت أشار فيه خبراء في الشأن الاقتصادي، إلى  استمرار الحكومة في تطبيق السياسات التي أدت إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، مما يضيف الى النفس تيقناً أن الحكومة تؤكد المضي قدماً في تطبيق شروط صندوق النقد الدولي والبنك الدولي و التي تسعى إلى تدهور بصورة كبيرة في الاقتصاد، من غير وضع معالجات للازمة، حتى تتضمن الحد من الآثار السالبة للقرارات على الوضع المعيشي للمواطنين عقب موجة الارتفاع الكبير في الأسعار بالأسواق.

 

الطبقة الوسطى

يقول المهتم بالسياسات العامة والخبير الاقتصادي، محمد النيل، إن السياسة الاقتصادية للحكومة تراهن على رفع الدعم عن السلع الاستراتيجية كافة لمعالجة جذور الأزمات، بيد أنه أكد أن هذا ما أدخلها في نفق لا تعلم عنه إلى أين تسير إليه، وأضاف.. المواطن أيضاً لا يعلم حجم الآثار السالبة لتلك السياسات والتي عمقت الأزمة نظراً لتصاعد سعر الصرف و تناقص قيمة العملة الوطنية، وزاد قائلاً : بالتالي تراجعت قدرتها الشرائية؛ خاصة عقب قرار التعويم الكامل للجنيه، وأردف بأن كافة السياسات التي طبقت لن تؤدي الغرض منها، وتوقع د. النيل عبر تصريح ل (اليوم التالي) حدوث المزيد من تدهور العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، ونوه إلى وجود ارتفاع قياسي في أسعار السلع والخدمات، مما انعكست آثارها المباشرة على حياة المواطن، وأشار إلى اتساع دائرة الفقر وغياب الطبقة الوسطى في المجتمع، قائلاً : إن زيادة الأجور فاقمت من زيادة الأسعار بالأسواق و لا تستطيع توفير أدنى مطلوبات العيش الكريم.

 

توجيه الاقتصاد

في وقت أبدى د. النيل قلقه من حدوث سيناريوهات سيئة قد تصل إلى تفاقم السيولة الأمنية في البلاد، بعد ظهور ممارسات سالبة في المجتمع جراء سياسات  تفقير المواطن، وقال إن الحكومة فضلت الخيار الأيسر وهو رفع يدها عن المسؤولية والهروب من كلفة مواجهة مطلوبات المواطن، وأكد انحيازها باتجاه رفع الدعم وتعويم العملة وزيادة الضرائب والرسوم، ونوه إلى إغفالها عن توليها مسؤولية توجيه الاقتصاد والخدمات التي تفيد المواطن.

 

الأزمات العامة

و يتفق المحلل الاقتصادي، مهدي فضل، مع نظيره أعلاه، حيث قال إن تفاقم الأزمة الاقتتصادية والأوضاع المعيشية الحرجة التي يعيشها المواطن السبب الرئيسي فيها سياسات الدولة وتطبيق روشتة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي دون الوضع في الاعتبار بأن البلاد واجهت تعقيدات كثيرة منذ حكومات الحقب الماضية، ويرى مهدي عبر حديثه ل(اليوم التالي) إن المواطن ظروفه الحياتية ليست في حالة توصف على ما يرام؛ حتى تكون بقدرته تحمل المزيد من الأزمات العامة والتي تمسه في معاشه، وعزا الاضطرابات السياسية وعدم الاستقرار الاقتصادي إلى تطبيق شروط المجتمع الدولي، مما عمل على تحطيم الاقتصاد.

 

سياسة الصدمة

وأوضح أن زيادة أسعار الوقود والكهرباء ودقيق الخبز والكهرباء والدواء وغيرها من السلع؛ لن تعالج الأزمة، بل هذا يدفع الحكومة لمزيد من الاقتراض من الخارج إذا أفلحت في ذلك، مبدياً خشيته من تمزيق الحياة الاجتماعية و الاقتصادية وفقدان الأسواق العادية، وتوقع أن تغلق كثير من الشركات والمصانع نسبة لإجراءات الحكومة حول الاقتصاد، وقال إن وزارة المالية ما زالت تتعامل بسياسة الصدمة دون مراعاة دقيقة للتوازن الاقتصادي أو الاتجاه إلى رفع المعاناة عن المواطن وإصلاح معيشته، وذلك بتمكين المواطن من الحصول المجاني للخدمات الأساسية متمثلة في الصحة والتعليم و البيئة والسلع بأسعار معقولة، وشدد على ضرورة النهوض بالاقتصاد وتوظيف الموادر والطاقات وإصلاح التشوهات الاقتصادية العميقة، ودعم القطاعات الإنتاجية التي من شأنها تقوية العملة الوطنية ورفع مقدرتها التنافسية والشرائية.

قد يعجبك ايضا

اضف ردك !

Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com