صراع المحاور في السودان.. من يكسب النقاط ؟

0

يعيش السودان أسوأ فتراته في تاريخه السياسي مع انسداد في الأفق السياسي والاقتصادي والمهددات الاجتماعية ، بينما تتجاذب مصيره التوازنات والمحاور الإقليمية والدولية ، ويظل السؤال التقليدي الذي يشغل المراقبين .. ماذا تريد المحاور من السودان ..؟ وما هي الأيادي التي تحرك المشهد السياسي في السودان …؟ ومنذ فترة ليست بالقصيرة تعيش الخرطوم تحت الضغط الدولي سياسياً واقتصادياً وأمنياً أي منذ سنوات حكم عمر البشير الذي أُطيح به في 11 أبريل 2019 بثورة شعبية بيد أن المحاور طبقاً للمراقبين لعبت الدور الأكبر فيها، وجاء التحالف الهش بين المدنيين والعسكريين في يوليو 2019م نتاجاً لوساطات دولية وإقليمية وصنيعة المخابرات العالمية لتحكم الفترة الانتقالية استناداً إلى وثيقة دستورية تم التوافق عليها بين المكونين حسب بعض الأصوات .

استقطاب غير مسبوق

وحسب ما يرى المحلل السياسي د.مصعب فضل المرجي ، لم يشهد السودان استقطاباً دولياً وصراعاً للمحاور مثلما شهدت حكومة عبد الله حمدوك الانتقالية الأولى، ويقول مصعب إن عبد الله حمدوك الموظف الأممي، الذي اختير رئيساً لوزراء الفترة الانتقالية في أغسطس 2019 بدأ فترة حكمه بطلب من مجلس الأمن الدولي إنشاء بعثة سياسية خاصة من الأمم المتحدة تحت الفصل السادس لدعم السلام في السودان ، ويمضي بقوله: ” هذه الخطوة اعتبرت بمثابة قلب الطاولة على المكون العسكري -الشريك في الحكم في ذلك الوقت- وفق الوثيقة الدستورية الانتقالية، بيد أنها كانت محفزة للمكون العسكري لتسريع خطاه تجاه المحاور الإقليمية من أجل حفظ التوازن الداخلي في الصراع حول الحكم، وفي إظهار الدعم الخارجي له كورقة ضغط على تغول وتمدد البعثة الأممية في الشأن السوداني، كما أنها أسهمت في زيادة اتساع الشقة بين المكونين الحاكمين، وانعدام الثقة، التي كانت لازمة حتى يتعاون الشريكان لإنجاح الفترة الانتقالية وتحقيق العبور السلس بإجراء الانتخابات، وتسليم البلاد لحكومة منتخَبة في نهاية المطاف.

فشل الفترة الانتقالية

ويعتقد مصعب أن هذا الصراع هو الذي عجل بفشل حكومة الفترة الانتقالية التي انشغلت بإرضاء المحاور الدولية على حساب متطلبات المواطن السوداني في المعيشة والاقتصاد والأمن والسياسة، وتبني الأجندة الغربية الخاصة بالمرأة وغيرها من الأمور التي لم تكن من اهتمامات المواطن السوداني الذي كان يبحث عن وضع معيشي أفضل بعد سنوات من العناء، ويقول مصعب إن الوضع في السودان يتشابه بالوضع السوري الى حد كبير و الذي جاء نتاج تكالب الغرب على موارده .

التجاذب الدولي

ويتساءل مصعب عن الهدف الذي كان يدفع الحكومة الانتقالية الانشغال بقانون الاحوال الشخصية والمرأة ويجيب قائلاً :” المكون المدني الذي كان يدير الدفة التنفيذية أراد ضمان مساندة الغرب بارضائه أولا بالاجراءات المتعلقة بحقوق المرأة والجندر والنوع أولاً ” وتغاضى عن الاصلاحات الاقتصادية لرفع المعاناة المعيشية لأكثر من (40) مليون سوداني وبالتالي استنفدت الطاقات وعزز الانقسام والاستقطاب السياسي والاجتماعي ، بدلاً من الاصطفاف خلف مشروع وطني للتنمية والاستقرار والسلام بينما انتهز المحور الروسي هشاشة المكون المدني وتشظيه ليدعم العسكر سياسياً وعسكرياً وبالتالي تحول السودان الى مسرح للصراعات الدولية والاقليمية .

ويرى المراقبون أن بوادر الاستقطاب والاستعانة بالأجنبي بدأت منذ المفاوضات بين العسكريين والمدنيين، التي كانت ترمي إلى اقتسام السلطة عقب سقوط الرئيس البشير، فالمدنيون تمترسوا خلف قوة وزخم الجماهير في الشارع والدعم الخارجي، مما أدى إلى الخروج بالوثيقة الدستورية الانتقالية، التي تجاوزت في بنودها مهام الحكومات الانتقالية وأعطت الحكومة صلاحيات تقع ضمن مهام الحكومات المنتخبة، كما أنها تضمنت تشكيل مجلس للتشريع يكون بمثابة الرقيب والجهاز التشريعي، مما جعل الأحزاب المكونة للحكومة الانتقالية “قوى الحرية والتغيير” تعمل على فرض رؤيتها بشكل اقصائي والدخول في صراعات في ما بينها من أجل فرض رؤاها الأيديولوجية ، وتكاد هذه التجاذبات توصل بالدولة السودانية إلى مرحلة الانهيار، بعد انسداد الأفق السياسي، وانهيار جدار الثقة بين المكونين المدني والعسكري، فكانت قرارات قائد الجيش الفريق البرهان في 25 أكتوبر.

وتشير معلومات مؤكدة الى لعب المحاور دوراً كبيراً لما وصل اليه المشهد في السودان ، قبل ان تكشف تقارير صحفية ، آخرها التقرير الذي بثته (سي – ان- ان) الأمريكية عن تهريب الذهب الى روسيا بواسطة السلطة الانقلابية ، وكشف التقرير بشكل لا يقبل الشكوك حسب ما ورد عن مراقبين بأنه أحد أدوات الصراع الدولي في السودان أو جزء من الصراع الامريكي الروسي على موارد السودان اذا أردت الدقة ، وقال التقرير الذي تناقلته الصحف المحلية إن السودان فقد نحو 13 مليار دولار جراء تهريب الذهب الى روسيا !!

كشف المستور

ويقول المحلل السياسي د. عبد اللطيف عثمان إن تقرير الـ(C.N.N) كشف حقيقة الصراع الامريكي الروسي بشكل واضح ، واشار إلى أن الولايات المتحدة الامريكية ليس لديها ما يجعلها السيطرة على السودان وموارده غير قرارات مجلس الأمن وعقوبات الكونغرس الامريكي ولكن هذه الوسيلة فشلت بشكل كبير ابان النظام البائد الذي استمر أكثر من ربع القرن ، وغير ذلك البيت الأبيض لم يكن واضحاً مع الملف السوداني بعد ثورة ديسمبر ، حيث انها لم تمارس ضغطا حقيقيا على المكون العسكري ورفعت يدها عن المدنيين حتى سقوطهم ، واضاف ان ابتعاد واشنطن فترات طويلة عن السودان منح الفرصة للاعبين آخرين مثل الصين ، ومضى بقوله: ” أما الروس فموقفهم كان واضحاً وساندوا المكون العسكري “.

وتضغط واشنطن والترويكا والاتحاد الاوروبي على المكون العسكري للانسحاب من السلطة السياسية، للتخلص من بعبع الدب الروسي الذي يطمح في السيطرة على الذهب والموارد الأخرى ، بينما يبقى ملف القاعدة العسكرية الروسية في البحر الأحمر محل تجاذب وصراع عنيف بين الغرب والكرملين ، ويتهم الغرب موسكو بتقديم الدعم السياسي و العسكري للمكون العسكري، بينما فجرت زيارة نائب رئيس المجلس السيادي (حميدتي) الى روسيا قبل الغزو الروسي لاوكرانيا بأيام غضب الادارة الامريكية ، وقال المبعوث الامريكي السابق كاميرون هدسون إن المكون العسكري يريد ممارسة الابتزاز مع واشنطن وطالب بفرض عقوبات صارمة على الحكومة السودانية وافراد الجيش السوداني الذين يدعمون الانقلاب العسكري في الخرطوم .

قد يعجبك ايضا

اضف ردك !

Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com