ما بين الدينكا والمسيرية من جرب المجرب حاقت به الندامة

0

سايمون دينق
العلاقة المختلة التي تجمع (دينكا ملوال) مع الإخوة (المسيرية) حسب رأيي الشخصي يجب أن يوضع لها الحلول النهائية اليوم قبل الغد.. ليس لأنها عديمة الجدوى وحسب، بل هي في الأساس كانت علاقة كارثية على دينكا ملوال منذ عقود مضت لم يجنوا من ورائها غير الموت والخراب وقد دفع مواطنو شمال بحر الغزال ثمنها باهظا.

يعلم القاصي والداني بان الإخوة المسيرية مع اقتراب فصل الصيف في كل عام ينادون بعقد مؤتمر للمصالحة والسلام فيما بينهم مع جيرانهم (دينكا ملوال)، ولشيء محير..! يستجيب الاخير دائما لهذه الدعوات وبدون شروط .. وكالعادة مخرجات المؤتمر المعطوب تسمح بدخول أبقار المسيرية الي عمق اراضي شمال بحر الغزال حيث الماء والعشب حول (نهر كير اديم) وغيره في الفترات الصيفية، ويمتد تواجدهم مع أبقارهم في هذه المناطق احيانا ما بين ٦ و٧ شهور متواصلة.. وعند هطول الأمطار في مناطقهم يقومون بخرق العهد الذي كان بينهم مع جيرانهم فيغدرون بهم ويقتلون الأبرياء وينهبون المواشي ثم يلوذون بالفرار الي داخل عمق الحدود الشمالية حيث يمكثون هنالك كل الخريف حتى تجبرهم حوجة البقر الي العشب من جديد في الصيف القادم الي المطالبة بإقامة مصالحة جديدة مع دينكا ملوال لتعود بقرهم الي مراعي شمال بحر الغزال… وهكذا دواليك.

وفوق ذلك كله درجت الحكومات المتعاقبة في الخرطوم على استخدام (الأخوة المسيرية) دائما كمقلب قط لها لضرب استقرار المنطقة.. هذه هي حقيقة الواقع المخزي الذي امتد لنحو نصف قرن من الزمان، منذ عهد الرئيس الراحل الصادق المهدي الذي قام بتسليح المسيرية باسلحة اوتوماتيكية حديثة على حساب اخوتهم (دينكا ملوال) إبان فترتي حكمه الاولى والثانية وهو النهج الذي سار عليه خلفاؤه في الحكم، وبلغ ذروته في عهد المخلوع عمر البشير، وكانت النتيحة وقوع مجازر تاريخية في حق دينكا ملوال لان الحرب لم تكن متكافئة من حيث العتاد.

الناس هنا يتذكرون جيدا هجمات (عرب المراحيل) الذين غزوا مناطق بحر الغزال لمدة أربع عقود متواصلة، نهبوا خلالها الابقار واغتصبوا النساء والأطفال وقتلوا الشيب والشباب، واستعبدوا آخرين الذين وقعوا تحت أسرهم.. شخصيا اعرف اناس يعيشون حياتهم الان باطراف مبتورة وهي جرائم وقعت في حقهم علي ايدي المسيرية، فبعد الأسر يتم بتر احدى الأطراف بغرض استخدام الضحية في مهنة رعى البقر بلا مقابل ليعيش ذليلا حقيرا مستعبدا طوال مدة الاسر، لا حول له ولا قوة.

وفي المقابل لم يسجل التاريخ الحديث ولو مرة واحدة، بأن الدينكا سبق لهم وغزو مناطق المسيرية، لان ثقافة السلام مع الجيران هي الثقافة السائدة وسط اهالي دينكا ملوال .. مع العلم بان المسيرية ليست هي وحدها (القبيلة الرعوية) التي تشارك الحدود مع الدينكا من جانب السودان!! فعلى سبيل المثال، توجد قبيلة الرزيقات في الحدود الشمالية الغربية لبحر الغزال.. نحسبها قبيلة مسالمة ولم تسجل لها عداوات ضد الدينكا.. الا استثناءات قليلة حيث يتم احتوائها بالجوديات، وهي نادرة الحدوث.

هذه الأيام .. عادت حليمة المسيرية الي عادتها القديمة وإرتضت مجددا بأن تكون أداة قتل وزعزعة استقرار المنطقة لصالح حكومة المجلس العسكري الانقلابي الحاكم في الخرطوم.. اذ شنت مليشيات المسيرية في الأيام الفائتة عدة هجمات بربرية غاية في الوحشية على منطقة (روم مامير ) وضواحيها بولاية شمال بحر الغزال أودت هذه الهجمات بحياة أكثر من ٢٤ شخصا واصيب العشرات حسب ما صرحت به السلطات هناك مع نزوح مئات الأسر من قراهم الي المجاهل.

من المعلوم أنه مع تأزم الوضع السياسي من جديد في الجارة الشمالية عقب انقلاب الجيش على السلطة المدنية الشرعية التي أتت بها ثورة الشعب السوداني الممهورة بدماء الشهداء، لم يجد الانقلابيون مخرجا من محنتهم غير فتح جبهة عدائية أخرى في الجنوب شبيهة بجبهة (الفشقة) كي يلهون بها الثوار عن ثورتهم بزعم وجود عدوان خارجي يستهدف أمن وسيادة واستقرار البلاد أو استرداد ارض مزعومة، ويحدث ذلك بعد ان فشل البمبان وغلق الطرق بالحاويات من إيقاف المد الثوري الزاحف بثبات نحو القصر الرئاسي.

يؤسفني القول بان الانقلابيين وجدوا ضالتهم في الإخوة المسيرية، ينفذون بهم مسرحيتهم الهزيلة والمميتة.

 

قد يعجبك ايضا

اضف ردك !

Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com