زراعة قلب الخنزير.. جدل اجتماعي رغم فتوى علماء الدين

0

حتى الآن، تشير الأخبار الصادرة من المستشفى في ولاية ميريلاند الأميركية أن كل شيء على مايرام، وأن الأمور – طبيا – تسير بشكل “فاق التوقعات” حسب الطبيب، محمد محي الدين، قائد الفريق الذي أدت أبحاثه إلى هذا الاختراق العلمي.

لكن، اجتماعيا أثار الموضوع الكثير من الجدل، خاصة وأن “الخنزير” حيوان يحرم التعاطي معه بشكل قاطع في الديانتين الإسلامية واليهودية.

موقف الدين الإسلامي

أكل لحم الخنزير محرم عند المسلمين واليهود، وليس هذا فحسب، بل إن أغلب المسلمين يعتبرونه حيوانا “نجسا” أي أن لمسه، والتعامل مع دمائه ولعابه وأعضائه يوجب الاغتسال والتطهر.

لهذا، يمثل زرع عضو كامل من جسد خنزير حي في جسم إنسان، موضوعا جدليا لدى البعض.

لكن الشيخ، فرحان صديقي، وهو إمام في مسجد “دار الهجرة” بولاية فيرجينيا الأميركية، يقول إن هناك شروطا إذا توافرت، تصبح عملية نقل العضو من خنزير إلى إنسان حلالا.

ويضيف صديقي في حديث لموقع “الحرة” أن “الشرط الأول هو أن تكون حياة المريض في خطر”، أما الشرط الثاني فهو “أن يكون هذا الحل الوحيد لإنقاذ حياة” المريض.

ويؤكد صديقي أنه “إذا توافر الشرطان فإجراء عملية النقل مسموح” في الإسلام.

ولا يختلف موقف المسلمين الشيعة عن هذا الرأي، حيث يقول الشيخ “مصطفى أخوند” وهو إمام مركز الإمام علي الإسلامي في ولاية فيرجينيا أيضا أن العملية “حلال مادامت ضرورية لإنقاذ حياة الإنسان”.

ويتوافق رأي أخوند مع رأي المرجع الشيعي، علي السيستاني، الذي كان قد أفتى بجواز نقل الأعضاء من حيوان إلى إنسان “وإن كان الحيوان نجس العين كالخنزير ويصبح بعد الإلحاق وحلول الحياة فيه جزء من بدن المسلم وتلحقه أحكامه”.

ويتوافق رأي علماء الدين الإسلامي مع موقف الديانة اليهودية من العملية، حيث أكد حاخامات لوسائل إعلام أن لا مانع في نقل قلب الخنزير لجسم الإنسان إن كان ذلك يساهم في إنقاذ حياة البشر.

الأخلاقيات العلمية

ويقول موقع Nature العلمي إن الأطباء المنشغلون حاليا بفحص الفعاليات العضوية والمشاكل الجسدية المحتملة لزراعة قلب حيواني في جسم إنسان، ينظرون أيضا إلى المشاكل “الأخلاقية” التي تسببها هذه الزراعة.

ويخضع المريض، ديفيد بينيت، حاليا لمراقبة مستمرة من قبل الأطباء، لتحديد ما إذا كان قلب الخنزير سيعمل بميكانيكية مناسبة لجسد الإنسان، وأيضا إذا ما كان جسد الإنسان سيتقبل العضو المزروع في النهاية.

ويقول الموقع إن المراقبة حاليا تتركز على معدل النبضات وشدتها، وعلى استجابة جسم المريض للزرع.

في الوقت ذاته، بحسب الموقع، سيكون على الأطباء والخبراء تحديد معايير غير مسبوقة للمرضى الذين سيسمح لهم بالمشاركة في مثل هذه العمليات الخطرة، وغير المؤكدة النتائج.

ويقول الموقع إنه في حالة المريض بينيت، وافقت إدارة الأغذية والأدوية الأميركية على العملية لأنه “ببساطة لم يكن هناك حل آخر”.

ولم تمكن مشاكل القلب وتاريخ من عدم الالتزام بالتعليمات الطبية بينيت من الحصول على قلب بشري أو مضخة قلب.

لهذا، كان لدى بينيت قلب الخنزير كحل وحيد، لكن الحال ليس نفسه بالنسبة لدى مرضى القلب الآخرين، الذين قد يموت بعضهم وهو ينتظر قلبا بشريا أو مضخة قلب.

ويطرح تحديد المرضى الذي سيوافق على منحهم أعضاء حيوانية مشكلة لدى الأطباء، كما أن استخدام أعضاء الحيوان بشكل واسع النطاق غير ممكن في الأعضاء الأخرى حتى الآن.

ويقول الموقع إن استعمال كبد الخنزير مثلا، قد يكون بعيد المنال لأن مبررات إجراء مثل هذه العملية أضعف من مبررات إجراء عملية تبديل القلب، بسبب كون لوائح انتظار مرضى الكبد “أقصر”.

كما إن رئتي الخنزير لم تصمد أمام نقلهما إلى القردة، مما يجعل عمليات نقل الرئة أمرا مستبعدا في الوقت الحالي.

وفي حالة الكليتين، يتمكن المرضى من النجاة باستخدام غسيل الكلى، مما يجعل قرار السماح بنقل أعضاء حيوانية لهم أكثر تعقيدا.

مشاكل اجتماعية

وفيما اعتبر مغردون في مواقع التواصل الاجتماعي العربية العملية نصرا للعلم، استعمل آخرون كلمات تقلل من شأن المرضى الذين قد يتلقون قلب أو أعضاء خنزير في المستقبل.

ويقول الإعلامي العراقي، وخبير مواقع التواصل الاجتماعي، مهند عبد الكريم، إن “هناك وصمة اجتماعية بدأت تتشكل بالفعل” بعد الإعلان عن نتائج العملية، على الرغم من أن المبدأ “وهو نقل أنسجة أو أعضاء من حيوانات لإنسان كان موجودا بالفعل وشائعا، لكن الدعاية التي رافقت العملية جعلت الموضوع أكثر إثارة بالنسبة لمن يريد استخدامه للتنمر”.

ويخشى عبد الكريم من أن مثل هذا الاتجاه الاجتماعي قد يمنع محتاجي الأعضاء من قبولها، أو قد يخلق لديهم شعورا بالرفض، أو أزمات نفسية معقدة.

وبحسب الطبيب، هاني راجي، من معهد القلب المصري فإن “أكثر وأحدث صمام قلب أورطي تاڤي يتم تركيبه في مصر والسعودية والكويت والإمارات والبحرين عن طريق القسطرة مصنوع من أنسجة الخنزير”.

ويضيف عبد الكريم لموقع “الحرة” أن “الأخبار الكاذبة المرتبطة بالعملية تتزايد، ولا أشك في أن هناك أخبارا ستظهر يوما ما عن تلقي الشخصية الفلانية قلب خنزير أو قلب أسد، يتم الترويج لها من قبل أعدائه أو مناصريه”.

الحرة

قد يعجبك ايضا

اضف ردك !

Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com