انقلاب 89 … قصة إنكار وزير الدفاع الأسبق !!

الخرطوم : رقية يونس

قطع وزير الدفاع الأسبق بالعهد البائد الفريق أول ركن مهندس عبدالرحيم محمد حسين، للمحكمة أمس عدم مشاركته في التخطيط أو التنفيذ لانقلاب 30 يونيو 1989م.
وجزم عبدالرحيم، خلال استجوابه كمتهم (22) على ذمة تدبير انقلاب الإنقاذ ضمن (27) من قيادات ورموز النظام المباد على رأسهم الرئيس المعزول عمر البشير، بعدم وجود اي علاقة له بأي من المدنيين الذين شاركوا في الانقلاب مطلقاً ، فضلا عن انه لم يكن له اي معرفة بالعسكريين المشاركين بالانقلاب ، مبيناً بانه لم يلتق أو يكن له معرفة بالرئيس المعزول عمر البشير –الا بعد تعيينه أميناً عاما ًبمجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطني، كما افاد بانه لايذكر زيارة البشير له بمعهد القوات الجوية الذي كان يتقلد منصب مديراً له وقيامه باي تنوير بشأن الانقلاب أو تنويرهم بذلك من قبل أي من الضباط الآخرين .

معهد القوات الجوية
وقال عبدالرحيم، للمحكمة الخاصة والمنعقدة بمهعد العلوم القضائية والقانونية برئاسة قاضي المحكمة العليا عماد الدين الجاك فضل ،  وعضوية قاضيي الاستئناف محمد المعتز، والرشيد طيب الأسماء، قال في استجوابه بأنه وفي ليلة انقلاب الإنقاذ كان بمنزله وتوجه للمسجد لصلاة الصبح وحينها تبين وجود حركة غير عادية من قبل القوات المسلحة ، لافتاً الى أنه وفور ذلك توجه لوحدته العسكرية بمعهد تدريب القوات الجوية الذي كان يديره في ذلك الوقت وظل منتظراً فيه يترقب اذاعة البيان بشأن الانقلاب – لاسيما وانه ووقتها تداولت المعلومات والاشارات عبر الراديو بأن القوات المسلحة قد استلمت السلطة، كما نفى عبدالرحيم ، للمحكمة ارساله اي برقية تأييد او خلافه بشأن الانقلاب من مقر وحدته بمعهد القوات الجوية وذلك بحجة عدم تأثيرها بوحدات الجيش الاخرى ، فضلاً عن انه معهد فقط ضمن وحدة المشاة العسكرية ويقع مجاوراً له  وكان لها قائد وقتها يدعى اللواء عبدالجليل المشرف بينما كان هو برتبة العقيد .

تعرف على البشير ومنصب
واكد عبدالرحيم، للمحكمة قبوله بتعيينه أميناً عاماً لمجلس قيادة الثورة في يوم 31/5/1990م وذلك اول منصب يتبوأه بعد مرور (11) شهراً من انقلاب الإنقاذ ووقتها كانت تلك المرة الأولى التي يتعرف فيها على الرئيس المعزول عمر البشير، موضحاً للمحكمة بأنه وعقب ذلك عين وزيراً برئاسة الجمهورية بعد حل مجلس قيادة الثورة في ذات العام 1990م، مؤكداً للمحكمة بأنه لا يذكر التاريخ الذي تم تعيينه فيه وزيراً برئاسة الجمهورية.

لم يشهدوا ضدي
في ذات الاطار قال المتهم عبدالرحيم ، للمحكمة بانه يعرف التهمة التي وجهت له على ذمة هذه الدعوى الجنائية ، مشددا على  أن جميع شهود الاتهام لم يذكروا اي شيء ضده بالمحكمة او ايراد اسمه بانه شارك او خطط او نفذ انقلاب الانقاذ ، فضلاً عن عدم تقديم اي مستندات سواء كانت مطبوعة أو مسموعة أو فيديو ضده تؤكد مشاركته في الانقلاب، مشيراً الى ان ما ذكر ضده فقط خلال مجريات الدعوى هو ما افاد به شاهد الملك المتهم (28) هاشم احمد عمر بريقع ، عند استجوابه واستفساره بواسطة المحكمة عن دوره بالانقلاب ، وحينها افاد بريقع المحكمة بأنه قام بتعريف عبدالرحيم علي الضابط ومعلم بمعهد المشاة بالجيش يدعى علي ابوضراع ،  واكد عبدالرحيم للمحكمة بان ما ذكره بريقع حول معرفته بابوضراع ليس صحيحاً ، ، عازيا ذلك الى أنه يعمل بقاعدة وادي سيدنا الجوية بينما ابوضراع يعمل بمعهد المشاة المجاور له ولا يحتاج لوسيط لتعريفه به ، الى جانب انهما تجاورا بسكن اشلاق الجيش بوادي سيدنا وانهما يلتقيان بالتعاون والجزارة  ، مؤكداً للمحكمة بأنه لا يعلم اذا كان أبوضراع على قيد الحياة حتى الآن أو توفي  لرحمة مولاه وذلك لتواجده بالحبس لأكثر من (4) سنوات.
في وقت نبه فيه عبدالرحيم ، المحكمة الى انه قابل بريقع ابان زيارته له بمكتبه بالقصر الجمهوري وذلك بشأن شكواه وتظلمه بعدم تقييم مقدراته او توظيفه دستوريا – الا انه وفي ذات الوقت لايذكر اذا قام بتسليم مذكرة شكوى بريقع للمتهم الثاني نافع علي نافع وقتها .

قصة رفض استجواب
فيما أكد المتهم (22) عبدالرحيم محمد حسين ، للمحكمة عدم ادلائه بأقواله بالتحريات وأرجع ذلك لتقلد احد الشاكين فيها وقتها تاج السر الحبر، نائباً عاماً الأمر مما جعله يصبح (الخصم الحكم ) بحد قوله ، مشيراً للمحكمة بأنه حضر امام لجنة التحري ورفض الإدلاء بأقواله لهم بناء على ذلك، مؤكداً للمحكمة بان لجنة التحري وقتها لم تطرح عليه سؤالاً وذلك لانه قد رفض الادلاء باقواله لها لانه معترض عليها للشاكين فيها .

دراسة عليا وتدريب
وأفصح المتهم عبدالرحيم للمحكمة ، عن تخرجه من جامعة السودان للعلوم والتكنلوجيا المعهد الفني سابقا كمهندس ميكانيكي فني في العام 1973م  ومن ثم التحق بالكلية الحربية وتخرج منها في العام 1974م ضابطاً بالقوات المسلحة وتدرج فيها بقاعدة وادي سيدنا وتلقى عدة دورات خارجية في مجال صناعة وصيانة الطيران الحربي، حيث تلقى دورة تدريبية في صيانة طيران الحربي السوخي 21 بالاتحاد السوفيتي ما بين ديسمبر 1974م وحتى يناير 1976م، اضافة الى تلقيه دورة تدريبية في الطيران المقاتلات (17) في ابريل 1976م وحتى ابريل 1977م، ومن ثم بعدها عاد للبلاد وغادر لدولة بريطانيا وحصل فيها على الماجستير في تكنولوجيا تصميم وصناعة وتكنولوجيا الطائرات، موضحاً بأنه بعدها عاد للبلاد وتم تعينه مديراً لمعهد القوات الجوية بوادي سيدنا الذي عمل على تأسيسه وخرج الفنيين الذين يعملون في سلاح الطيران بمنحهم درجة الدبلوم وذلك من منطلق تأهيل وتوطين الفنيين الطيران.

أوسمة وأنواط وإنجاز
في ذات السياق قال المتهم عبدالرحيم في خواتيم استجوابه للمحكمة، بان عمله لأكثر من (43) عاماً بالقوات المسلحة نال خلالها عددا من الأوسمة والأنواط وهي (نجمة الإنجاز، ووسام الخدمة الطويلة ووسام الجدارة والنيلين والصمود) ،  اضافة الى نيله وسام الإنتربول الدولي من رئاسة الإنتربول بفرنسا ابان تقلده منصب وزير الداخلية بالبلاد وتقديم دعوة له من دولة فرنسا لزيارتها وتسليمه وسام الإنتربول برئاسة مبانيه بها ، لافتاً الى أنه تنقل خلال مسيرته في العمل العام ما بين وزارتي الدفاع  بالجيش منذ العام 2005 وحتى العام 2015م وعمله كذلك بوزارة الداخلية بالشرطة ، وحقق خلالها عددا من الإنجازات التي باتت واضحة للناس وذلك بفضل الله وجهود الرجال الآخرين معه بحد تعبيره  كاشفا عن انجازه بالقوات المسلحة اهم ثلاثة محاور منها (الطرود، بيئة العمل والمعدات ) ، فضلا عن تشييده الأبراج السكنية وتوفير احتياجات القوات المسلحة، الى جانب تأسيسه مصنع الصافات الذي وطن صناعة الطيران بالبلاد حيث صنعت به طائرتان وتمت المشاركة بهما بعرض جوي بدولة الامارات العربية المتحدة ، اضافة الى توطين صناعة الأسلحة والذخائر التي شارك بها السودان بمعرض دبي كذلك.

زمالة ومعرفة ودفعات
وكشف عبدالرحيم، للمحكمة عن مزاملته للمتهم (19) النائب الأسبق للرئيس المعزول الفريق أول ركن بكري حسن صالح، بالمرحلة المتوسطة والثانوية فضلاً عن أنه ينحدر من ذات المنطقة التي ينتمي اليها بكري، بمحلية دنقلا حيث ينحدر بكري من منطقة (الحفير) بينما هو من منطقة (كرمة)، كما اضاف عبدالرحيم، عن دراسة المتهم عبدالله عبدالمطلب، بذات المدرسة الثانوية التي تخرجوا منها – الا أنه كان يتبع للدفعة التي خلفهم ولم يلتق به من قبل مطلقاً، كاشفاً عن انتماء بكري للدفعة (22) بينما هو مسكن بالدفعة (22،23) اضافة الى أن الرئيس المعزول كان بالدفعة (18).
الفششوية وطبيب تحت القسم
في غضون ذلك قررت المحكمة إعلان استشاري الطب النفسي د. يس عباس وداعة، للمثول امامها في الثلاثاء المقبل والإدلاء بأقواله على القسم ، حول الحالة الصحية للمتهم الـ(17)  أحمد محمد علي الفششوية، وامكانية شفائه من العاهة العقلية التي يعاني منها من عدمها مع اصطحابها الحالة النفسية للمتهم واسرته وعدم تعريضه للحرج -لا سيما وأنه مريض بالزهايمر وهم يفعلون اشياء لايدركونها، مشدداً على أن المحكمة حريصة على حماية حقوق المتهم واسرته، في ذات الوقت اكدت بأنها وبالرغم من ذلك قامت بمراجعة محضر المحاكمة وعثر ت على تقرير طبي صادر بتاريخ 13/11/2021م يؤكد بأن المتهم الفششوية، في العقد الثامن من عمره وأن التركيز لديه ضعيف وحكمه على الأمور ضعيف ويظهر عليه الإضطراب، واوصت اللجنة الطبية في تقريرها بأن المتهم يعاني من الخرف المصحوب بأعراض الشلل الرعاشي.
ويجيء قرار المحكمة بذلك نتيجة استجابتها لطلب عضو هيئة الاتهام عبدالقادر البدوي ، بان الفششوية سليم يمارس حياته بصورة طبيعية وانه شفي من عاهته العقلية .
الخنجر ومرض القلب
في تلك الاثناء امرت المحكمة ايضا بمخاطبة إدارة مستشفى علياء الطبي، وذلك لمدها بتقرير طبي حول الحالة الصحية للمتهم الثامن اللواء معاش بالجيش الطيب محمد الخنجر،  ومدى مقدرته على المثول امامها لاستجوابه في الجلسة القادمة على ذمة القضية ، ووجهت المحكمة المستشفى بضرورة مدها بالتقرير الطبي قبل موعد انعقاد الجلسة القادمة الثلاثاء المقبل، ونبهت المحكمة طرفي القضية (اتهام ودفاع) بأنها وحال قررت المستشفى عدم سماح ظروف المتهم الصحية بإحضاره امامها لاستجوابه فإنها ستنتقل اليه مع سماحها فقط لممثل واحد لكل متهم بحضور ومتابعة استجواب المتهم من مقر استشفائه بعلياء.
ويجيء قرار المحكمة بمخاطبة مشفى علياء بشأن حالة الخنجر الصحية ، وذلك بعد ان افاد محاميه هاشم ابوبكر الجعلي ، بان اسرة المتهم اكدت مقدرته للمثول امام المحكمة لاستجوابه ، في وقت كشف المحامي محمد الحسن الأمين، عن وقوفه على الحالة الصحية للمتهم الخنجر ، بالمشفى والذي يتضح  بمعاينته ظاهريا بأنه في حالة صحية سليمة – الا أنه وباستفساره للأطباء المباشرين لحالته اكدوا له بأن اي حركة للمتهم قد تسبب له مضاعفات صحية وذلك لمعاناته من مرض القلب، مؤكداً بأن المتهم سبق وأن تعرض لانتكاسة صحية عقب اعادته للسجن القومي كوبر مما استدعى لإسعافه للمستشفى، موضحاً بأنه يخشى ان يحدث ما لا يحمد عقباه حال قررت المحكمة احضار المتهم امامها في الجلسة القادمة.
من جهتها اوصدت المحكمة الباب حول حالة الخنجر الصحية وكشفت عن تلقيها تقريرا طبيا ممهورا بتوقيع المدير الطبي لمستشفى علياء، كشف عن معاناة المتهم من ذبحة قلبية وانسداد في شرايين القلب وارتفاع في انزيمات القلب وارتفاع بالضغط والسكري، واكد التقرير بأن الحالة الصحية للمتهم لا تسمح له بالمثول امام المحكمة.

غياب شاهد الملك

في ذات السياق تمسك المتهمان التاسع عثمان أحمد حسن، والثامن والعشرون هاشم احمد بريقع، برغبتهما بعدم تعيين  محامي للدفاع عنهما وتمثيلهما امام المحكمة، في ذات الوقت رفضت المحكمة السماح للمتهم هاشم بريقع، بالغياب عن جلساتها تقديراً لظروفه المرضية، واضافة المحكمة بقولها لبريقع :(كلنا مصابين بالقضروف واي زول جوه القاعة دي عندو قضروف ونحن ما بنسمح ليك بالتغيب عن جلسات المحكمة لكن ممكن نسمح ليك تحضر نصف ساعة داخل جلسة المحاكمة ونصف ساعة آخر امشي تتمدد خارج قاعة المحاكمة وتعاود لمتابعة اجراءات الجلسة) بحد قول المحكمة.
يذكر أن بريقع سبق وأن تقدم بطلب للمحكمة التمس خلاله السماح له بالتغيب عن جلسات المحاكمة وذلك لمعاناته من مرض القضروف وتناوله لأكثر من ثلاثة عقاقير طبية بصورة مستديمة، مؤكداً للمحكمة في طلبه بأنه مستعد للمثول امامها متى ما قررت استدعاءه، واكد بريقع للمحكمة بأنه على استعداد لإحضار محامي يمثله امام المحكمة واشار للمحامي خالد عباس، الذي كان يتواجد بقاعة المحكمة ملتمساً منه تمثيله – الا أن المحامي رد عليه فوراً معتذراً عن تمثيله، مؤكداً للمحكمة بأنه كان يمثل هيئة الدفاع عن المتهم بريقع، سابقاً – الا أنه لا يستطيع تمثيله حالياً وذلك لتضارب المصالح القانونية بينه والمتهم الحالي الذي يمثله وذلك بعد أن تغير مركز بريقع، القانوني متهماً وشاهد ملك في نفس الوقت، حينها قبل بريقع، اعتذار المحامي واكد للمحكمة بأنه لا مانع لديه اذا رأت  المحكمة احضار محامي له يمثله شريطة أن تسمح له بالغياب عن الجلسات – الا  أن قاضي المحكمة رد له فوراً بأن السماح للمتهم بالغياب عن حضور الجلسات امر تقدره المحكمة وفقاً للظروف التي تودع امامها ولا علاقة له بوجود محامي يمثل المتهم من عدمه، واضاف القاضي قائلاً له : (عين محامي وقدم الطلب وبعدها المحكمة ستنظر فيه).
في ذات السياق تغيب رئيس هيئة الدفاع عن الرئيس المعزول عبدالباسبط سبدرات عن جلسة المحكمة امس ، وذلك بسبب المرض بحسب ما افاد به عضو هيئة الدفاع د.عبدالرحمن الخليفة .