طفل يغتصب طفلة.. كيف يجب التعامل مع الضحية والجاني؟

0

وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مطالبات بتوقيع أقصى العقوبات الممكنة على المعتدي، بعد أن أثارت تفاصيل الاغتصاب الرأي العام.

وكانت إحدى قريبات الطفلة قد روت بعضا من تفاصيل الحادث عبر منشور على موقع “فيسبوك” إذ تقول إن الفتاة توجهت إلى الحمامات المخصصة للرجال، بدلا من النساء، بعد أن اختلط عليها الأمر، خلال زيارتها لمركز ترفيهي.

وبعد قليل عادت الطفلة إلى أسرتها وهي متألمة وغارقة في دمائها .

وطبقا للمنشور، تصادف وجود طبيب نساء وتوليد بالمركز الترفيهي، وأنه تولى فحص الفتاة، وأكد اغتصابها، بينما الأسرة أصحاب المركز الترفيهي بأنهم تولوا تهريب الطفل، وأنكروا معرفتهم به حين حضرت قوات الشرطة.

وباشرت النيابة العامة التحقيقات في واقعة هتك عرض الطفلة وباشرت النيابة التحقيقات وقررت إحالة الطفل المتهم بهتك عرض طفلة الملاهي إلى نيابة الطفل لعدم بلوغهما السن القانونية، كما قررت استعجال تقرير الطب الشرعي الخاص بها.

وقال بيان صادر الاثنين: “ورد بلاغ إلى النيابة العامة يوم الخامس عشر من شهر يوليو الجاري بتعدي الطفل المتهم البالغ عمره ثلاثة عشر عامًا على الطفلة المجني عليها، والتي لم يتعد عمرها خمس سنوات بمنطقةٍ لألعاب الأطفال بأسيوط”.

وأضاف: “وقد تزامن ذلك مع ما رصدته وحدة الرصد والتحليل بإدارة البيان بمكتب النائب العام من أخبار متداولة حول الواقعة على مواقع التواصل الاجتماعي، فتولت النيابة العامة التحقيقات”.

وبحسب البيان فإن النيابة العامة استجوبت أربعة شهود أكدوا رؤيتهم المجني عليها بعد الواقعة وقد ظهر على جسدها آثار التعدي.

وتابع البيان: “انتقلت النيابة العامة إلى محل الحادث فعاينته واطلعت على ما سجلته آلات المراقبة المطلة عليه، وسألت المسؤولين عن إدارة المكان فتبينت تشغيله دون ترخيص، واستجوبت الطفل المتهم فيما نُسب إليه من اتهام فأنكر”.

وأضاف البيان: “على هذا أمرت النيابة العامة بإيداعه أسبوعًا بإحدى دور الرعاية، وندبت الطبيب الشرعي المختص لتوقيع الكشف الطبي على المجني عليها بيانًا لما بها من إصابات، وكيفية حدوثها”.

وأوضح البيان أنه تقرر  “تشكيل لجنة لفحص المنشأة محل الواقعة ومدى تشغيلها بترخيص من عدمه، وأمرت بحجز المدير المسؤول عن المنشأة وقت الواقعة لحين ورود تحريات الشرطة، وجارٍ استكمال التحقيقات واستدعاء ذوي المتهم لسماع أقوالهم”.

إعادة تأهيل الضحية

وتقول خبيرة الجندر وجرائم العنف علي أساس النوع الاجتماعي، سمر عبدالرحمن، إن التعامل مع القضية لم يكن موفقا في الكثير  من الجوانب.

وقالت في حديث لموقع “الحرة”: “الأولوية في مثل هذه الأمور دائما، هو حماية هوية الطفلة وتوفير الدعم المناسب لها، قبل حتى الحديث عن عقاب الجاني”.

وتداولت وسائل التواصل الاجتماعي اسم الطفلة المجني عليها، واسم الطفل المتهم، ومعلومات عن أسرته، وذكر نص بيان النيابة الاسم الأول للطفلة.

وذكرت عبدالرحمن أن ذكر اسم الطفلة قد يعرضها للوصم والإيذاء النفسي.

وقالت عبدالرحمن إنه في حالة تعرض طفلة لاعتداء، خاصة إن تضمن إيلاجا كاملا، فأول مايجب فعله هو الفحص الطبي، وتوثيق أي جروح أو أدلة جنائية محتملة، ومعالجة الطفلة من أي جروح أو إصابات لحقت بها من جراء الاعتداء.

وتوضح عبدالرحمن: “من المهم تقليل أثر الصدمة على الطفلة، من خلال جمع شهادتها على الواقعة في جلسة واحدة، وعدم مطالبتها بإعادة شهادتها وقصتها أكثر من مرة”.

الخطوة الثانية هي التأهيل النفسي، حيث يجب إحاطة الطفلة بالأشخاص الذي تثق بهم، والسماح لها بالتعبير عن مشاعرها، وإخبارها أن ما حدث لها “ليس نهاية العالم”، وأنها قادرة على تخطي ما حدث.

وأكدت: الأطفال لديهم قدرة مذهلة على تجاوز الصدمات، حال التعامل الصحيح وتقديم العلاج المناسب”، مؤكدة أن حداثة سن طفلة أسيوط يسمح لها بالتعافي الكامل من الأزمة وتجاوزها، إن توافرت الظروف المناسبة.

وقالت عبدالرحمن إن أحد أهم الجوانب في هذا التعافي هو التنبيه على المدرسة وكل الأماكن التي تتعامل معها الطفلة بألا يتعامل معها أحد بشكل مختلف، وأن خطة العلاج النفسي يجب أن يشمل الأسرة أيضا.

ما العمل مع الجاني؟

وتعقيبا على العقوبة التي سوف تطال الطفل المعتدي في حال إدانته، أوضح المحامي والخبير القانوني هاني صلاح لموقع “الحرة” أن قانون الطفل الصادر لعام 2008 جاء بضوابط ومبادئ عديدة تتفق مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الطفل مما أضفى نوع من الحماية سواء على الطفل الجاني أو المجني عليه.

وتابع: “تكون المسؤولية الجنائية منعدمة على الطفل إذا كان عمره دون الثانية عشرة، وفي حال لم يتجاوز الخامسة عشرة على سبيل الحصر يتم توجيه اللوم والتوبيخ له مع وضعه في أحد دور الرعاية أو المستشفيات الخاصة بالأحداث حسب طبيعة الجرم”.

وعن العقوبة التي تنتظر طفل أسيوط، إن أدين، أجاب: “باعتباره دون الخامسة عشرة من العمر فإنه سوف يودع في أحد دور الرعاية حتى يتم الثامنة عشرة من عمره وبعدها يعرض على لجنة قضائية للنظر في مدى إمكانية الإفراج عنه ومدى إمكانية اندماجه في المجتمع من جديد، وبالتالي يمكن اتخاذ العديد من القرارات بحسبما ما تتوصل إليه اللجنة”

وأكد الخبير المصري أن قانون العقوبات يحظر نشر تفاصيل محاكمات القصر أو نشر أسماء المدانين أو الضحايا، ويقتصر حضور جلسات المحاكمة  على الهيئة القضائية ووكلاء المتهم والضحية وذويهم المقربين.

وتشير عبدالرحمن إلى أن الطفل الجاني أيضا يحتاج إلى تقييم وتأهيل نفسي.

وقالت: “في كل الحالات فالجاني هنا طفل، لكن يجب تقييمه أولا، لمعرفة إن كان يجب التعامل معه كبالغ أم لا”.

وأوضحت عبدالرحمن أن التقييم النفسي يجب أن يدرس معاناة أو خلو المتهم من أمراض نفسية، وتاريخ المتهم، وإن كان تعرض في الماضي لاعتداء، أو رأى أفعالا مماثلة في عائلته، وإن كان حوله أصدقاء شجعوه على جريمته.

كما يجب أن يشمل التقييم فهم دوافعه، وإن كان يحاول التقليد أو الاستكشاف، أو إنه بالفعل مدرك تماما لخطورة جريمته وقدر الإيذاء الذي تسبب فيه، ومن الضروري معرفة إن كان سبق له ممارسة مثل هذه الاعتداءات من قبل، أم أنها المرة الأولى.

وأوضحت “هناك حالات نادرة من الأطفال السايكوباتيين، وحتى هؤلاء يفيدهم التأهيل كلما كان مبكرا، لكن الأمر أصعب كثيرا”.

ويشمل التأهيل خطة ممتدة لعدة سنوات ومتابعات، بهدف تقييم سلوك الطفل، وإبراز  مدى الضرر الذي تسبب فيه للآخرين، والألم الذي تسببت فيه أفعاله،

وأوضحت عبدالرحمن أنه لا يوجد دراسات كافية حول نجاح جهود إعادة التأهيل في المنطقة العربية، لكن أبحاث غربية تقدر أن أكثر من 80 بالمئة من الأطفال الذين ارتكبوا جرائم اعتداء جنسي لا يعودون لتكرارها ثانية، بشروط خضوعهم لعلاج نفسي وسلوكي مناسب.

ومن أجل نجاح هذا التأهيل، يحتاج الأمر أيضا إلى متابعة للبيئة التي يخرج لها الطفل بعد قضاء مدته في دار الرعاية، قائلة: “قد يعود المرء بالطبع للجريمة والاعتداء، إن عاد لنفس الظروف التي أحاطت به حين ارتكب الجريمة”.

وفي كل الأحول، تشدد عبدالرحمن على أن نشر معلومات الجاني والمطالبة بإعدامه ووصمه غير مقبول، لأنه طفل، وأن التصرف الصحيح في مثل هذه الحوادث هو الحفاظ على سرية هوياتهم، وعدم ظهور هذه الجرائم المرتكبة في الطفولة بصحيفة الحالة الجنائية مستقبلا.

قد يعجبك ايضا

اضف ردك !

Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com