أدارت الحكومة السودانية بذكاء مرحلة التحضير لمفاوضات جنيف، حيث نجحت في تحويل الدعوة للمفاوضات من الجيش إلى الحكومة، مما عزز من موقفها التفاوضي. ضمن هذه الاستعدادات، عقدت الحكومة اجتماعًا تشاوريًا تنسيقيًا مع الإدارة الأمريكية في جدة، بهدف ضمان وضع أسس قوية لنجاح المفاوضات المقبلة.
ذكاء اختيار الوفد التفاوضي:
أحد أهم نقاط القوة في هذه التحضيرات كان تعيين الوزير أبونمة رئيسًا للوفد الحكومي، حيث يمتلك قدرات تفاوضية مميزة. اختيار أبونمة، الذي ينتمي إلى دارفور، لقيادة التفاوض ضد المتمردين من نفس الإقليم، يعكس رغبة الحكومة في توضيح أن أبناء دارفور هم من يتصدون للمتمردين، مما يبطل حجة المتمردين بأنهم يقاتلون “الفلول” أو دولة 1956. هذا الاختيار الذكي يعزز من مصداقية الوفد الحكومي ويضعف موقف المتمردين على الساحة الدولية.
أهمية الاجتماع التشاوري في جدة:
ركز الاجتماع التشاوري في جدة على عدة نقاط حاسمة، أبرزها:
- المشاركة في وضع أجندة التفاوض في جنيف: الحكومة أصرت على المشاركة الفعالة في تحديد الأجندة التفاوضية، وضمان مراجعة ما تم الاتفاق عليه في منبر جدة، وتحديد ما تم تنفيذه وما لم يتم.
- ضمان تنفيذ الاتفاقيات: تم مناقشة وسائل ضمان تنفيذ ما سيتم الاتفاق عليه في جنيف، لضمان أن تكون الاتفاقات فعالة وقابلة للتنفيذ.
- تحديد هدف التفاوض: كان هناك تركيز على تحديد هدف واضح للمفاوضات، مما يساعد في توجيه جهود الوفد التفاوضي نحو تحقيق نتائج ملموسة.
- تنسيق مستوى الوفود: تم التأكيد على ضرورة تنسيق مستوى وفدي التفاوض وتحديد التفويض الممنوح لكل وفد، سواء كان التوقيع كاملاً أم بالأحرف الأولى فقط.
- مشاركة المراقبين: تم الاتفاق على ضرورة تحديد من سيشارك كمراقبين في المفاوضات لضمان الشفافية والنزاهة.
- مسارات التفاوض: ناقش الاجتماع إمكانية التعامل مع مسارات التفاوض بشكل منفصل، سواء كانت عسكرية فقط أو عسكرية وإنسانية معًا.
نصائح لمفاوضات جنيف:
قدم اللواء مهندس ركن دكتور أمين إسماعيل مجذوب، خبير إدارة الأزمات والتفاوض، عدة نصائح استراتيجية لمفاوضات جنيف، أبرزها:
- تحديد استراتيجية وتكتيكات التفاوض: يجب على الوفد الحكومي أن يكون لديه استراتيجية واضحة وتكتيكات مرنة تتماشى مع تطورات التفاوض.
- استخدام أسلوب الحزمة المتكاملة: ينصح باستخدام هذا الأسلوب لضمان تحقيق توافق شامل يرضي جميع الأطراف.
- إدراج التعويضات وإعادة الإعمار: يجب أن تشمل أي اتفاقات تعويضات للمتضررين وخططًا لإعادة إعمار المناطق المتأثرة.
- الضغط المتواصل: يوصى باستخدام استراتيجية الضغط المتواصل لضمان تحقيق أهداف التفاوض.
ختامًا، تعكس هذه التحضيرات ثقة الحكومة السودانية في قدرتها على تحقيق السلام، والوصول إلى حل نهائي يضمن استقرار البلاد ويؤسس للدولة القومية الثالثة، مع الأمل أن تكون حرب 15 أبريل آخر الحروب في السودان.
