احداث وحوادث

النهود.. صرخات مكتومة تكشف فصولاً من المأساة الإنسانية

غرب كردفان، السودان – في قلب ولاية غرب كردفان، تتكشف فصول مأساة إنسانية عميقة في مدينة النهود، حيث تتصاعد الشكاوى من انتهاكات ممنهجة وعمليات نهب واسعة النطاق أثرت بشكل مباشر على حياة السكان المدنيين. تشير التقارير الميدانية والشهادات الحية إلى أن مجموعات مسلحة، يُعتقد أنها تابعة لقوات الدعم السريع، تستهدف المحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية والمنازل في الريف الجنوبي للمدينة، مما يثير مخاوف جدية بشأن الأمن الغذائي واستقرار المجتمع.

تفاصيل الانتهاكات: شهادات من قلب الحدث

حصلت “النورس نيوز” على شهادات مروعة من أهالي القرى المتضررة جنوب النهود، مثل “جغب” و”قريود” و”أم سمرة”. هذه الشهادات توثق موجة جديدة من الاعتداءات التي شهدتها المنطقة خلال الأسبوع الجاري. يصف المزارعون كيف أُجبروا على ترك أراضيهم تحت تهديد السلاح، وكيف تم نهب مخازن الذرة والدخن، وتخريب أسقف المنازل بشكل وصفوه بأنه “حرب ممنهجة تهدف إلى تجويعهم وإجبارهم على النزوح”.
يروي أحد المواطنين تفاصيل اقتحام منزله ليلاً من قبل عناصر مسلحة، حيث أُجبر على المغادرة بينما كانوا يقومون بفك سقف منزله أمامه. هذه الهجمات، التي تتكرر بشكل شبه يومي، أدت إلى توقف الحياة تمامًا بين القرى، وتحولت الطرقات إلى مساحات مهجورة لا يجرؤ أحد على عبورها.

تداعيات السيطرة الأمنية والنزوح الجماعي

تأتي هذه الانتهاكات في أعقاب سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة النهود في مايو الماضي، وهي السيطرة التي أدت إلى انهيار شامل للمنظومة الأمنية. وقد تسببت هذه التطورات في أكبر موجة نزوح تشهدها المنطقة في تاريخها الحديث، حيث فر عشرات الآلاف من الأسر باتجاه القرى المجاورة، قبل أن يضطروا لاحقًا للنزوح مرة أخرى بسبب تدهور الأوضاع وانعدام الخدمات الأساسية.
تُشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 46 ألف شخص نزحوا من مدينتي النهود والخوي نتيجة للمواجهات المسلحة. هذه الأرقام تُطلق ناقوس الخطر بشأن تفاقم الكارثة الإنسانية، وتؤكد على الحاجة الماسة لتدخل عاجل لوقف الانتهاكات وتوفير الحماية للمدنيين.

دعوات للتحقيق والمحاسبة

في ظل هذه الظروف، يطالب ناشطون ومنظمات مجتمع مدني بإرسال بعثة مراقبة دولية إلى ولاية غرب كردفان. الهدف من هذه البعثة هو توثيق الانتهاكات الجارية ومحاسبة المسؤولين عنها، معتبرين أن ما يحدث في النهود “يكشف جانبًا مظلمًا من تداعيات الحرب السودانية التي طالت الأبرياء في قراهم ومزارعهم”.
الخوف أصبح سيد الموقف في النهود، حيث يعيش السكان تحت وطأة الجوع والرعب، بينما يستمر الصمت المريب من قبل المسؤولين، تاركين خلفهم قرى محترقة وأرواحًا تبحث عن مأوى آمن. هذه الأوضاع تستدعي تحركًا دوليًا عاجلاً لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وتقديم المساعدة الإنسانية الضرورية.
تابع قناة اخبار السودان على الواتساب ليصلك جديد الاخبار (اضغط هنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com