احداث وحوادث

ميادة عطور .. خمسة دقائق قبل الحقيقة !

( ميادة عطور .. خمسة دقائق قبل الحقيقة )
في كل مرة بينفجر فيها الرأي العام بي قضية ظلم او عنف او إستغلال بكتشف إنو العاطفة في بلدنا دائماً بتسبق العدالة و تخنقها عديل كده، و في ذاكرتي واحدة من اكتر القضايا التي هزت السودان و هي جريمة مقتل الصحفي محمد طه الف رحمة ونور عليه، وقتها الناس انقسمو و انتشرت الاشاعات و اتحول الملف الجنائي لمعركة سياسية و إعلامية رغم انو المباحث المركزية فكت خيوط الجريمة بسرعة و احترافية عالية لكن في ناس كانت مصدقة الاشاعات البتقول المتهمين اكباش فداء بسبب انو المتهمين كانو ناكرين تماما رغم الادلة و البينات.
وقتها ما كنت جزء من فريق التحقيق عشان كده اتاثرت جدا بكلام بعض الاقلام في الصحف و المنتديات و العاطفة سيطرت علي جدا و شكوكي زادت جدا بعد ما رافقت المتهمين في ساعاتهم الاخيرة قبل الاعدام لانهم كانوا هادئين جدا و خاشعين و مواظبين على صلواتهم و تلاوة القرأن و البراءة على وجوههم
قبل تنفيذ الاعدام جبتهم من الزنازين لموقع خارج السرايا عشان يودعو اهلهم و هناك جاء مدير سجن كوبر و سالهم عن طلباتهم و وصاياهم فقام اكبر واحد فيهم بثبات و ثقة و هيبة و قال ( احنا مظلومين و وصيتنا وصلوها لاهل المرحوم قولو ليهم فتشو عن القاتل الحقيقي )
كلامه ده كان كفيل بانو يزلزل اي قلب و رغم اني زول عندي خبرة ما كنت بتخيل انو العاطفة ممكن تأثر فيني و لحظتها شعرت اني ما قادر اتحمل و قررت انو اسلم سلاحي و اقدم استقالتي في اسرع فرصة، و اثناء ما انا بفكر طلب مني مدير استخبارات السجون العميد معاش نزار خواجة انو لازم ارافق المتهمين لزنزانة اسمها ( خمس دقائق) لحدي تنفيذ الاعدام و ما افارقهم الا في المقابر لانو وقتها سجن كوبر كان محاصر بالمئات من اهالي المتهمين و الجو كان مشحون و متوتر جداً بسبب الراي العام السالب الاتشكل عبر حملات تضليل ممنهجة و فعلا اخدت المتهمين لزنزانة ( خمسة دقائق ) و هي عبارة عن غرفة صغيرة بتاعت انتظار تنفيذ الإعدام و هناك المتهمين قالو عايزين موية للوضوء و بعد الوضوء وقف كبيرهم عشان يصلي بيهم الصلاة الاخيرة و هنا حصلت حاجة ما كانت في الحسبان اطلاقاً .
إعترض واحد من المتهمين فجأة و قال لكبيرهم ( والله ما تصلي بينا لانك راجل دجال و غشيتنا و قلت المباحث ما بتصل لينا و لو وصلو لينا ما ح نتحاكم ابدا)
في اللحظة دي بس انكشف كل شئ و سقط القناع و معاهو الروايات المصنوعة و شعرت انو الجبل الكان في صدري اتهدم تماماً ،
حكيت القصة دي عشان اقول ليكم انو الروايات العاطفية قادرة تأثر على اي انسان مهما كان حتى لو كان رجل قانون محترف لكن ما مفترض تخليهو يكون الحكم و الجلاد و قبل كده قلت ليكم انو المجرم قادر انو يخدع الدكتور و المهندس و الضابط رغم انو بيكون مجرم جاهل لسبب بسيط جدا و هو انو المجرم بيخاطب القلوب ما العقول، بيخاطب عاطفة الناس.
حالياً السوشل ميديا اصبحت هي الشرطة و النيابة و القاضي و الجلاد بسبب الجهل و العاطفة و المجتمع اصبح بيسبق القانون بحملات التشهير و صناعة الروايات و قلوبنا اصبحت بتثبت التهم بدل النيابة و المنصات بتحاكم بدل القضاء .
قضية سيدة الاعمال السودانية ميادة بتاعت العطور ما ح تكون الاخيرة اذا استمرينا في النهج ده، و الحكاية يا جماعة ما دفاع عن متهم او هجوم على ضحية ، الحكاية ابعد من كده بي كتييير، الحكاية احنا عايزين شنو ؟ عايزين مجتمع بتسيطر عليهو و تتحكم فيهو الميديا و لا القانون ؟؟
لو قعدنا نصدق المنشورات و الشكاوي قبل التحقيق يبقى مافي داعي للشرطة و لا النيابة و لا القضاء و خلونا نفتح الباب للفوضى و الإبتزاز و التشهير و إشانة السمعة و الحشاش يملاء شبكته.
مصر دولة فيها قانون و فيها اجهزة امنية محترفة و عندها ادوات فنية ما بتتوفر في دول كتيرة، و في ناس كتيرة ما بتعرف حاجة عن التطور الكبير في البحث الجنائي و خرائط الابراج و الخرائط الزمنية و الفحص الطبي الجنائي، ياااخ كل الاتهامات الاتوجهت لميادة من الساهل جدا جدا للشرطة المصرية انو تتحقق منها حتى لو ما كان في شهود او كاميرات مراقبة، بواسطة اساليب فنية كتيرة جداً ويطول شرحها، و التعاطف يا جماعة حاجة جميلة لكن ما مفترض نحولو لادلة و براهين و نحكم و نحاكم بيهو، احنا مفترض نشجع اي مظلوم انو يتوجه للقانون و نوقف نمارس لعب دور النيابة و المحاكم ده .
موضوع ميادة ده يا جماعة ناقوس خطر حقيقي بيهدد مجتمعاتنا لانو اصبح من الساهل جدا انو نشحن الجماهير بالعاطفة و نسوقها في الاتجاه العايزنو بدون ما يشعرو بانهم بيخدمو في اصحاب الحسابات البتفتش للانتشار و بيخدمو في ناس عندها خلافات شخصية بيحولوها قضايا راي عام
موضوع ميادة فيهو اساءة لكل السودانيين في مصر خاصة موضوع تجارة الاعضاء ده لانو ده ما بيشبهنا و الحملات القوية الممنهجة في الموضوع ده مفترض تخلينا نقيف الف مرة و نفهم إنو في لعبة قذرة جدا في الموضوع.
تابع قناة اخبار السودان على الواتساب ليصلك جديد الاخبار (اضغط هنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com