
نقل الرفات إلى مقابر رسمية يجدّد أحزان العائلات في الخرطوم
الخرطوم – 13 ديسمبر 2025
أعادت عمليات نقل رفات ضحايا الحرب من مواقع الدفن الاضطراري إلى المقابر الرسمية في ولاية الخرطوم مشاعر الحزن والألم لمئات العائلات السودانية، التي اضطرت خلال فترة المواجهات إلى دفن ذويها في ساحات المنازل والمدارس والمساجد، بعد أن أصبح الوصول إلى المقابر العامة مستحيلاً بسبب القتال.
وتقول إيمان عبد العظيم، التي دفنت شقيقها في فناء منزل الأسرة بمدينة بحري، إن مشاعر الفقد تجددت مرة أخرى مع استخراج رفاته وإعادة دفنه، مضيفة أن العائلات عاشت وداعاً ثانياً لأحبائها بعد أن فرضت ظروف الحرب دفنهم في أماكن طارئة.
وأعلنت ولاية الخرطوم مطلع ديسمبر الجاري انطلاق حملة منظمة لحصر ونقل الرفات من مواقع الدفن الاضطراري إلى مقابر مجهزة، عبر لجان ولائية ومحلية تضم ممثلين من الطب العدلي والدفاع المدني والهلال الأحمر السوداني ولجان الأحياء.
وقال المدير التنفيذي لمحلية بحري عبد الرحمن أحمد عبد الرحمن إن الحملة تهدف إلى تخفيف العبء النفسي على الأسر، وتنظيم الوضع الصحي والإنساني، مؤكداً أن العملية تتم بإشراف “اللجنة العليا لجمع رفات المتوفين أثناء معركة الكرامة”.
وتشمل عملية النقل أربع مراحل، تبدأ بحصر مواقع القبور داخل الأحياء، ثم إبلاغ الأسر وإشراك ممثلين عنها، يليها نبش الرفات تحت إشراف مختصين من الطب العدلي، وأخيراً إعادة الدفن في مقابر مخصصة مع توثيق كامل للبيانات.
من جانبه، أوضح مدير هيئة الطب العدلي بولاية الخرطوم هشام زين العابدين توضّح أن عمليات نقل الرفات بدأت عقب سيطرة الجيش على الولاية، مشيراً إلى أن الربع الأول من عام 2026 سيشهد خلو الخرطوم من أي قبور خارج المقابر الرسمية. وأشار إلى تحديات تواجه الفرق الميدانية، أبرزها نقص الأكياس المخصصة للجثامين.
وأضاف زين العابدين أن تخريب وحدات حفظ عينات الحمض النووي (DNA) صعّب مهمة التعرف على بعض الجثامين، ما دفع الجهات المختصة إلى اعتماد الترقيم والتوثيق ودفن مجهولي الهوية في مقابر مخصصة.
بدورها، أكدت نائبة رئيس لجنة التسيير والخدمات بحي شمبات شيرين الطيب نور الدائم أن لجان الأحياء تلعب دوراً محورياً في حصر القبور والتواصل مع الأسر وتنظيم عمليات النبش والدفن، مشددة على ضرورة إبلاغ المواطنين عن مواقع الدفن الاضطراري لتسهيل عمل الفرق الميدانية.
ورغم قسوة إعادة فتح الجراح، ترى الجهات المشرفة أن نقل الرفات إلى مقابر رسمية يمثل خطوة أساسية في مسار التعافي وإعادة ترتيب الأوضاع الإنسانية والصحية، وتهيئة البيئة لعودة الحياة الطبيعية إلى ولاية الخرطوم بعد أشهر طويلة من الحرب.











