حرب السودان.. تدهور غير مسبوق في سعر الصرف في السودان

0

متابعة : اخبار السودان

 

تقترب الحرب في السودان من إكمال عامها الأول منذ اندلاعها في منتصف أبريل (نيسان) 2023، وما تزال مستمرة بين قوات “الدعم السريع” وبين الجيش ، لكن التداعيات الاقتصادية لهذه الحرب كارثية على الاقتصاد السوداني الذي كان يعاني قبل الحرب وتفاقمت الأوضاع الاقتصادية بعد الحرب، ما تزال في تدهور مستمر، بحسب ما يقول المحلل الاقتصادي عبدالعظيم الأموي.

ويضيف المحلل الاقتصادي “تقدر الخسارة في إجمالي الرصيد الرأسمالي للدولة السودانية (ويقصد الرصيد الرأسمالي كل مقدرات الدولة من مبان وبنية تحتية، ومطارات ومصافي بترول وخطوط ناقلة للبترول، وغيرها من الأصول الثابتة التي تصنف بأنها رصيد رأسمالي)، قدرت هذه القيمة الرأسمالية بـ600 مليار دولار، وتسببت الحرب في فقدان 25 في المئة منها، بما يعادل 150 مليار دولار خلال العام الأول من الحرب، وهذا يعكس حجم التأثيرات الاقتصادية الكارثية للحرب في الدولة السودانية وفي الاقتصاد”.

ويلفت المحلل إلى أن تجريف الرصيد الرأسمالي للدولة يتسبب مباشرة في انكماش حجم الاقتصاد وتقلص النشاط الاقتصادي، ويدلل علي ذلك بحدوث انكماش كبير في نمو الناتج المحلي الإجمالي، يقدر بـ40 في المئة (بحسب تصريح وزير المالية الدكتور جبريل إبراهيم)، وذلك لتأثير الحرب في القطاعات الاقتصادية الحيوية التي يرتكز عليها الاقتصاد السوداني، مثل قطاعات الزراعة والصناعة والتعدين والخدمات، وهذه القطاعات مجتمعة تمثل حوالى 90 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

ويشير إلى فقدان القطاع الزراعي التمويل ومدخلات الإنتاج من أسمدة وبذور ومحروقات، مع تمدد رقعة الحرب لتشمل ولاية الجزيرة وولايات دارفور وكردفان، وتسببت الحرب في فقدان الحكومة أكثر من 80 في المئة من الإيرادات العامة للدولة (وفق ما ذكره وزير المالية الدكتور جبريل إبراهيم) في مؤتمر صحافي.

تدهور غير مسبوق في سعر الصرف في السودان

عانى السودان كثيراً عدم الاستقرار الاقتصادي، وتشوهات كبيرة لازمت حركة الاقتصاد في البلاد منذ انفصال الجنوب في 2011، وفق ما يؤكد المحلل الاقتصادي، مضيفاً “لم يتوقف هذا التدهور إلا بعد شروع الحكومة الانتقالية المدنية وتطبيقها لحزمة من الإصلاحات الاقتصادية، وتصدت بقوة لمواجهة تشوهات الاقتصاد وبدأت في تصحيح مسار الاقتصاد، وإزالة هذه التشوهات وعلى رأسها منظومة دعم السلع الاستراتيجية غير العادلة، وإزالة تشوهات أسعار الصرف المتعددة، وطبقت هذه الإصلاحات في فبراير من عام 2021، وكشفت توحيد سعر الصرف، واعتماد سعر واحد للدولار الأميركي، وتخلت نهائياً عما يسمى بالدولار الجمركي (هو سعر خاص وغير حقيقي للدولار تقدير الرسوم الجمركية للواردات)، واستقر سعر الصرف حينها لفترة سبعة أشهر هي الأولى منذ عقود في فبراير 2021، وتحدد سعر الدولار بـ382.7 جنيه سوداني، وتحدد سعر الدرهم الإماراتي بـ104.2 جنيه، وسعر الريال السعودي بـ102.09 جنيه”.

تجار العملات الأجنبية

ومضى قائلاً “استقرت هذه الأسعار في السوق، وحدث للمرة الأولى أن سعر هذه العملات في السوق الموازية أقل من سعر الرسمي في البنوك، وشهدت الأسواق شراء تجار العملات الأجنبية من الجمهور وبيعها للبنوك بالسعر الرسمي، لأنه كان عادلاً، والاستقرار هو السمة العامة للسوق، وكان ذلك بمثابة تصويت على الثقة في سياسات الحكومة الاقتصادية، وفي نهجها لإدارة الاقتصاد في البلاد، قبل أن يتبدد كل ذلك صبيحة يوم الـ25 من أكتوبر (تشرين الأول) 2021، عندما قررت المؤسسة العسكرية إنهاء الفترة الانتقالية بالانقلاب على السلطة، ووضع كل قادة الحكومة في السجون، ثم بدأت مسيرة من التدهور المتسارع، وفقدان كثير من المكتسبات الاقتصادية التي تحققت خلال الفترة الانتقالية على قصر مدتها، وعاد نشاط السوق السوداء للعملات الأجنبية، بل تحول التعامل بالنقد الأجنبي بالكامل للسوق الموازية حتى اندلاع الحرب في الـ15 من أبريل 2023، وعندها كان سعر الدولار هو 600 جنيه لكل دولار، ونتيجة للتدمير الهائل الذي أحدثته الحرب في الاقتصاد يتداول الآن الدولار في السوق بـ1306 جنيهات لكل دولار بينما في آخر نشرة لبنك الخرطوم الإثنين الماضي كان سعر البنك الرسمي للدولار هو 1083 جنيهاً لكل دولار، فيما حدد بنك السودان في آخر إفصاحاته سعر الدولار بـ1020 جنيهاً، وحددت وزارة المالية سعر الدولار الجمركي بـ950 جنيهاً لكل دولار، وهكذا عدنا مجدداً لفترة أسعار الصرف المتعددة وتشوهات السعر”.

ويرى المحلل الاقتصادي، أن هذا الوضع الكارثي مصحوب بتدهور كبير في الصادرات السودانية، والبيانات المتوفرة تشير إلى حجم ضئيل للغاية من الصادرات في الفترة ما بين سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) 2023، وبلغت 250 ألف دولار فقط مقارنة بـ591 ألف دولار للفترة نفسها من عام 2022.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com