هل تسقط مديونية سودانير لدى السعودية ومصر بداعي الظروف القاهرة؟

0

مقدمة

في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجه السودان، تبرز قضية مديونية شركة الخطوط الجوية السودانية (سودانير) كواحدة من العقبات الرئيسية التي تعيق قدرتها على مواصلة التشغيل بكفاءة. من بين هذه المديونيات، تلك المستحقة للسعودية ومصر ودول أخرى. يتساءل البعض عن إمكانية إسقاط هذه الديون بداعي الظروف القاهرة (force majeure)، وهو مفهوم قانوني يتطلب النظر في تفاصيل دقيقة قد تكون مفيدة لصناع القرار في سودانير والدولة.

العقود بين القوة القاهرة والظروف الطارئة

العقد شريعة المتعاقدين، ولا يجوز نقضه أو تعديله إلا باتفاق الطرفين أو لأسباب قانونية محددة. تفرض حسن النية في إنشاء العقد وتنفيذه، وهو ما يشكل التزاماً عقدياً. ومع ذلك، هناك استثناءات تشمل الظروف الطارئة والقوة القاهرة، التي يمكن أن تعفي أحد الأطراف من التزاماته إذا تحققت شروط معينة.

نظرية القوة القاهرة

تعرف القوة القاهرة بأنها ظروف مادية تجعل الوفاء بالالتزامات مستحيلاً بشكل مطلق. ولتطبيق هذه النظرية، يجب توافر الشروط التالية:

  1. عدم خطأ المدين: ألا يكون الفعل صادراً عن المدين.
  2. عدم التوقع: أن يكون الحادث غير متوقع عند إبرام العقد.
  3. استحالة التنفيذ: أن يجعل الحادث تنفيذ الالتزام مستحيلاً استحالة مطلقة.

إذا أثبت الشخص أن الضرر نشأ عن سبب أجنبي لا يد له فيه، مثل حادث مفاجئ أو قوة قاهرة، فإنه غير ملزم بتعويض الضرر.

أمثلة على القوة القاهرة

تشمل القوة القاهرة أحداثاً مثل الحروب، الزلازل، الحرائق، والأوامر الإدارية التي تتسم باستحالة التوقع والدفع. توضح محكمة النقض السودانية أن القوة القاهرة تكون حرباً أو زلزالاً أو حريقاً، وقد تشمل أيضاً الأوامر الإدارية الملزمة.

استحالة التنفيذ

لتطبيق مبدأ استحالة التنفيذ، يجب أن يصبح تنفيذ الالتزام مستحيلاً فعلياً أو قانونياً بعد نشوء الالتزام. لا يكفي أن يكون التنفيذ مرهقاً، بل يجب أن يكون مستحيلاً تماماً. إذا كان التنفيذ مستحيلاً منذ البداية، يكون العقد باطلاً لعدم توفر الشروط اللازمة.

الشرطان الأساسيان لاستحالة التنفيذ

  1. استحالة فعلية: يجب أن يصبح تنفيذ الالتزام مستحيلاً بعد نشوئه، سواء استحالة فعلية أو قانونية.
  2. سبب أجنبي: يجب أن تكون الاستحالة ناتجة عن سبب أجنبي لا يد للمدين فيه، مثل حالة الحرب في السودان.

الخاتمة

مع وجود المديونية الكبيرة لسودانير لدى دول مثل السعودية ومصر، يتعين على صناع القرار النظر في إمكانية تطبيق نظرية القوة القاهرة لإسقاط هذه الديون. قد توفر الظروف الحالية في السودان مبرراً قوياً للاستفادة من هذه القاعدة القانونية، مما يسهم في تخفيف الأعباء المالية عن الشركة وتمكينها من مواصلة التشغيل بكفاءة.

توصيات

  • التقييم القانوني: إجراء تقييم قانوني شامل لكل حالة مديونية على حدة لتحديد مدى إمكانية تطبيق نظرية القوة القاهرة.
  • التفاوض مع الدائنين: الدخول في مفاوضات مع الدول الدائنة بناءً على الأسس القانونية لنظرية القوة القاهرة.
  • تعزيز الإطار القانوني: تطوير إطار قانوني محلي ودولي يدعم مواقف الشركات السودانية في مثل هذه الحالات.

بهذه الخطوات، يمكن أن تتخذ سودانير مساراً قانونياً يمكنها من تقليل الديون ومواصلة تقديم خدماتها بكفاءة وفعالية.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com