تراجع الجنيه السوداني و علاقته بالامارات و صادرات الذهب !

تراجع الجنيه السوداني بشكل حاد خلال الأيام الماضية بعد فرض حظر فعلي على الرحلات من بورتسودان إلى الإمارات، وهو القرار الذي أدى إلى تعطيل تجارة الذهب، المصدر الأهم للعملة الصعبة في السودان، وفق ما أفاد به عدد من التجار والمسؤولين. ويعتمد السودان بصورة أساسية على صادرات الذهب إلى الإمارات للحصول على النقد الأجنبي، بينما تتهم القوات المسلحة السودانية أبوظبي بدعم قوات الدعم السريع التي تخوض حربًا ضدها منذ أكثر من عامين ونصف.
وكانت الإمارات قد أوقفت في شهر أغسطس جميع الرحلات التجارية من بورتسودان، الذي يعد المنفذ التجاري الرئيسي للبلاد، بحسب ما أعلنته الهيئة السودانية للطيران المدني وبيانات تتبع الرحلات الجوية. كما أوقفت حركة الشحن من وإلى السودان عبر موانئها، ما تسبب في انخفاض حاد في قيمة الجنيه السوداني الذي تراجع من 2200 إلى نحو 3600 جنيه مقابل الدولار، بعد أن كان مستقراً عند حدود 600 جنيه قبل اندلاع الحرب في أبريل 2023.
وتعد صادرات الذهب المصدر الأول للعملة الأجنبية في السودان، إذ استوردت الإمارات نحو 90% من الذهب القانوني خلال النصف الأول من عام 2025، بما يعادل 8.8 أطنان تصل قيمتها إلى حوالي 840 مليون دولار. وتستخدم الحكومة السودانية هذه العائدات في تمويل واردات السلع الأساسية مثل الوقود والقمح، مما يجعل توقف تصدير الذهب إلى الإمارات ضربة قاسية للاقتصاد الوطني الذي يعاني بالفعل من شح الموارد وتراجع الإنتاج.
ورغم توقف الرحلات التجارية، تشير تقارير اقتصادية إلى أن كميات كبيرة من الذهب السوداني المهرب ما زالت تجد طريقها إلى الإمارات بطرق غير مباشرة عبر مصر أو قطر أو سلطنة عمان، في حين تتهم الحكومة قوات الدعم السريع بالسيطرة على مناطق التعدين وتهريب الذهب خارج الأطر الرسمية، وهو ما يحرم الدولة من موردها الرئيسي للعملة الصعبة.
ويعتمد السودان منذ تسعينيات القرن الماضي على العلاقات الاقتصادية مع الإمارات بعد العقوبات الأمريكية التي حدّت من تعامله مع البنوك الدولية. وتعد الإمارات أحد أكبر الشركاء الماليين للسودان، حيث يمتلك بنك دبي الإسلامي حصة رئيسية في بنك الخرطوم، وتتم معظم المعاملات الحكومية عبر فرع بنك النيلين في أبوظبي، كما تمتلك الإمارات قدرات كبيرة في تكرير الذهب تجعلها الوجهة الأولى للمعدن السوداني.
وأكد سليمان بلدو، رئيس مرصد الشفافية والسياسات في السودان، أن السلطات في بورتسودان وعدداً من كبار التجار بدأوا البحث عن بدائل لتصدير الذهب إلى قطر أو سلطنة عمان أو مصر أو السعودية، لكن دون نتائج ملموسة حتى الآن. وأضاف أن مصر كانت المستفيد الأكبر من الأزمة الحالية من خلال إعادة تصدير الذهب السوداني إلى الإمارات، ما جعلها حلقة وسيطة رئيسية في تجارة الذهب بالمنطقة.
ويواجه الاقتصاد السوداني خطرًا متزايدًا في ظل استمرار الحرب وتوقف الصادرات وتراجع قيمة الجنيه، فيما تتزايد المخاوف من صعوبة تأمين السلع الأساسية وارتفاع الأسعار، وسط غياب بدائل واضحة تعوض عن توقف الشراكة الاقتصادية مع الإمارات التي كانت تمثل شريان الحياة الرئيسي للاقتصاد السوداني خلال السنوات الماضية.







