فوضى الذهب.. تهدد أغنى المواقع الأثرية في السودان
أثار بث فيديو يُظهر تدفق آليات تنقيب عن الذهب إلى جزيرة صاي الأثرية، الرعب في قلوب السودانيين.
وحذر خبراء ومهتمون بالآثار من تهديد كبير للأماكن الأثرية في البلاد، بسبب ما وصفوه بفوضى الذهب، في إشارة إلى عمليات التنقيب العشوائي والمنظمة عن الذهب، خاصة في ظل التحديات السياسية والأمنية التي تمر بها البلاد.
كما أعربوا عن مخاوفهم من أن يؤدي انتشار آليات التنقيب عن الذهب في جزيرة صاي الأثرية، كما بينت الصور والفيديوهات المنتشرة بين السودانيين على مواقع التواصل، إلى تدمير المواقع الأثرية بالجزيرة ذات القيمة التاريخية الكبرى.
إذ تحتوي تلك الجزيرة على معابد ومقابر وهياكل تعود إلى فترات مُختلفة، مثل العصر الفرعوني والنوبي والمسيحي والإسلامي.
عديمو الضمير
في المقابل، أصدرت الشبكة الإقليمية للحقوق الثقافية بيانًا شديد اللهجة قالت فيه: هكذا يتسابق الانتهازيون وعديمو الضمير، مستغلين الظروف الحرجة لسرقة أقدم المواقع الأثرية في العالم تحت ذرائع التنقيب عن الذهب”.
كما أعربت عن مخاوفها الكبيرة من فقدان السودان واحدة من أغنى المناطق الأثرية بسبب العبث الذي يطال مواقع تاريخية مهمة في جزيرة صاي.
وناشدت المختصين وخبراء الآثار، والمنظمات المدافعة عنها، بإدانة هذه الجريمة الإنسانية الخطيرة والعمل على منعها ومنع تكرارها.
جزيرة الكنوز
بدوره، أكد أحمد الأمين السوكري، مفتش أول آثار بالهيئة العامة للآثار والمتاحف، أن جزيرة صاي تعتبر جزيرة الكنوز الأثرية، إذ تحتوي على كم هائل من الآثار وما تزال حبلى بالمواقع الأثرية التي لم يتم التنقيب داخلها حتى الآن.
كما أضاف في تصريحات لـ”العربية.نت” أن الجزيرة مرشحة للدخول في سجل التراث الإنساني العالمي، لما لديها من خصائص استثنائية نادرة. وأكد أن “صاي” تعرضت لتعديات كثيرة، خاصة في مواقع الجبانات التي ترجع لفترة المملكة المصرية الحديثة، بالإضافة إلى حضارات كرمة ومروي ونبتة.
كذلك، أشار أن الجزيرة استهدفت من لصوص الآثار وصائدي الكنوز الأثرية. وختم حديثه قائلاً: “في ظل هذه التحديات، يمكن العمل على زيادة الوعي بأهمية التراث الإنساني والمواقع الأثرية، وتعزيز التعاون بين السودان والمؤسسات الإقليمية والدولية لحماية المواقع الأثرية”.
أين تقع جزيرة صاي؟
وتصنف جزيرة “صاي” على أنها ثاني أكبر جزيرة في السودان، وهي إحدى الجزر التاريخية الواقعة في نهر النيل، وتحديدًا في منطقة النوبة شمال السودان، على بُعد 720 كلم تقريبًا في الاتجاه الشمالي للعاصمة الخرطوم.
كما تعتبر جزءًا مهمًا من التراث الثقافي السوداني، ويمتد تاريخها لقرون طويلة. وكانت ذات أهمية استراتيجية وثقافية على مر العصور، ومرت عليها فترات تاريخية متعددة، بما في ذلك الفترات المصرية القديمة والمروية والنوبية المسيحية، والإسلامية.
معالم أثرية
إلى ذلك، تشمل الآثار في “صاي” معابد ومقابر وهياكل أثرية، تعود لفترات مختلفة، من العصر الفرعوني وحتى العصور الإسلامية. وقد أظهرت الحفريات الأثرية أدلة على وجود نشاطات بشرية مستمرة على الجزيرة لعدة قرون، ما يجعلها مصدرًا قيمًا لفهم التاريخ السوداني وتطوره.
ومن أهم المواقع الأثرية على الجزيرة المعابد، حيث توجد معابد فرعونية. وهناك مقابر أثرية تعود لفترات مختلفة، بعضها يعود للعصر النوبي وبعضها للعصر المسيحي.
بالإضافة إلى المستوطنات القديمة، حيث اكتشف علماء الآثار بقايا مستوطنات تعود لحقب مختلفة، ما يظهر تطور الحياة اليومية على الجزيرة عبر العصور. ويؤكد المختصون أن هذه الآثار تعطي لمحة عن التفاعلات الثقافية والتجارية التي حدثت في المنطقة، وتسلط الضوء على الروابط بين السودان القديم والحضارات الأخرى في شمال أفريقيا والشرق الأوسط.