قرار إيقاف مديرة مكتب “العربية” و”الحدث” : بين الالتزام المهني والأمن الوطني

قرار إيقاف مديرة مكتب “العربية” و”الحدث” في السودان: بين الالتزام المهني والأمن الوطني
في خطوة أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط الإعلامية، أعلنت وزارة الثقافة والإعلام والسياحة في السودان، يوم الجمعة 19 سبتمبر 2025، إيقاف مديرة مكتب قناتي “العربية” و”الحدث” وسحب تصريحها الصحفي. القرار، الذي جاء بعد تحقيق داخلي، يعتمد على اتهامات بـ”تجاوزات مهنية كبيرة ومتكررة” تهدد الأمن الوطني والمصلحة العامة، وفقاً للبيان الرسمي الصادر عن الوزارة. هذا الإجراء يأتي في سياق التوترات الإعلامية المستمرة في السودان، حيث يُرى كمحاولة لضبط المحتوى الإعلامي الخارجي أثناء الحرب الأهلية الدائرة منذ أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
أبرز المخالفات المذكورة في البيان
استند القرار إلى سلسلة من الانتهاكات التي رُصدت من قبل إدارة الإعلام الخارجي في الوزارة. إليك جدولاً يلخص أهمها:
المخالفة الرئيسيةالتفاصيلالتأثير المزعومنشر معلومات غير دقيقةالزعم بسيطرة قوات الدعم السريع على القيادة العامة للجيش، مما ساهم في تهجير مواطنين.تضليل الرأي العام وإثارة الفوضى الاجتماعية.تداول معلومات عسكرية حساسةنشر تقارير عن قصف مطار بورتسودان دون توثيق رسمي.تعريض الأمن الوطني للخطر وإضرار بسمعة المؤسسات العسكرية.استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعيعرض مشاهد تمثيلية غير واقعية دون الإشارة إلى ذلك، مع لغة وصفية غير مهنية.خداع الجمهور وانتهاك معايير الشفافية الصحفية.تجاهل الالتزامات الرسميةعدم الرد على خطابات وتقارير رسمية، مثل التحقيق في استخدام الجيش لأسلحة كيميائية.عدم احترام الإجراءات القانونية والتزامات الترخيص.اتهامات غير موثقةنشر تقارير تشكك في الحكم الحالي وتتهم قيادات سابقة دون أدلة.التشهير بالدولة ومؤسساتها لأغراض سياسية.
هذه المخالفات، وفقاً للوزارة، أدت إلى “تضليل الرأي العام” و”الإضرار بسمعة الدولة”، مما يبرر الإجراء كخطوة قانونية للحفاظ على المشهد الإعلامي.
ردود الفعل والسياق
من القناتين: حتى الآن، لم تصدر “العربية” أو “الحدث” بياناً رسمياً مفصلاً حول القرار، لكن المديرة المعنية (التي لم يُذكر اسمها صراحة في البيان) لم تُعلق بعد. في حوادث سابقة مشابهة (مثل تعليق عمل القناتين في أبريل 2024 بسبب عدم تجديد التراخيص)، نفت القنوات الاتهامات وأكدت تجديد تراخيصها دورياً، مشيرة إلى أنها لم تُبلغ رسمياً بالقرارات.
على منصة إكس (تويتر): انتشرت الأنباء بسرعة، مع تغريدة من حساب “ألترا سودان” (@UltraSudan) يلخص البيان الرسمي، مشيراً إلى “تجاوزات مهنية” رُصدت من قبل الوزارة. التفاعل محدود حتى الآن (حوالي 55 مشاهدة في الساعات الأولى)، لكن الجدل يدور حول ما إذا كان القرار “قمعاً للإعلام” أم “حماية للأمن”. بعض المستخدمين يربطونه بتوترات سابقة مع قنوات خليجية، بينما يدافع آخرون عن الحكومة.
السياق الأوسع: هذا القرار ليس الأول؛ في أبريل 2024، علقت السودان عمل “العربية”، “الحدث”، وسكاي نيوز عربية بسبب “عدم الالتزام بالمهنية والشفافية”، مما أثار انتقادات دولية من منظمات مثل مراسلون بلا حدود. اليوم، مع استمرار الحرب (التي أدت إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح ملايين)، يُرى الإجراء كجزء من جهود الحكومة للسيطرة على السرد الإعلامي، خاصة مع اتهامات متبادلة بين الجيش والدعم السريع حول استخدام الأسلحة الكيميائية والانتهاكات.
التأكيدات الرسمية والمستقبل
أكدت الوزارة أن الإيقاف يخص المديرة الشخصية فقط، ولا يستهدف القناتين كمؤسسات، لكنها حذرت من ضرورة التزام الممثلين الإعلاميين بالمعايير السودانية. كما جددت التزام الحكومة بحرية الصحافة “في بيئة مسؤولة”، مشددة على أن الإجراء “لا يمس العلاقات الاستراتيجية” مع السعودية والإمارات. ومع ذلك، يتوقع مراقبون تصعيداً إعلامياً، خاصة إذا لم يتم تجديد التراخيص أو إصدار تعليقات من القنوات.