عاجل | إرتفاع نسبة المجانين في السودان

يشهد السودان في الآونة الأخيرة ارتفاعًا غير مسبوقًا في معدلات الاضطرابات النفسية، في ظل تداعيات الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين، والتي أثرت بشكل مباشر على الحالة النفسية للمواطنين وعلى البنية التحتية للمؤسسات الصحية، خاصة تلك المعنية بالصحة العقلية. ويأتي ذلك وسط تحذيرات من مختصين بشأن تصاعد معدلات الإدمان والاضطرابات السلوكية والتشرد في مختلف المدن السودانية.
في هذا السياق، بدأ مستشفى التجاني الماحي للطب النفسي في أم درمان، وهو أكبر مركز متخصص في الطب النفسي بالسودان، خطوات عملية لإعادة تشغيل العيادات المحوّلة بعد توقف دام قرابة عامين بسبب ظروف الحرب. وتشمل هذه الخطوات التعاقد مع اختصاصيين واستشاريين في الطب النفسي، إلى جانب إعادة تأهيل بعض المرافق المتضررة تمهيدًا لاستئناف الخدمات العلاجية للمرضى النفسيين.
الحرب ترفع معدلات الاضطرابات النفسية في السودان
يرى خبراء الصحة النفسية أن الحرب الدائرة أدت إلى ارتفاع حاد في معدلات القلق والاكتئاب والاضطرابات السلوكية، خصوصًا بين الأطفال والنساء الذين تعرضوا لانتهاكات وصدمات نفسية قاسية. وأكد الأطباء أن السودان يعيش اليوم “أزمة صامتة” في مجال الصحة النفسية تتطلب تدخلًا عاجلًا، وتوسيع نطاق الخدمات العلاجية والدعم النفسي، خاصة في المناطق المتأثرة بالنزاعات مثل الخرطوم والجزيرة ودارفور.
أضرار جسيمة في مستشفى التجاني الماحي
وفي تصريحات إعلامية، أوضحت الدكتورة مي محمد يوسف، مديرة مستشفى التجاني الماحي، أن المستشفى تعرض لأضرار كبيرة نتيجة إقامة قوات الدعم السريع نقطة ارتكاز عسكرية بجواره لمدة عامين، مما أدى إلى تدمير أجزاء من المبنى، واحتراق بعض المرافق، وتلف المحول الكهربائي، ما تسبب في تعطيل الخدمات الحيوية للمرضى.
ورغم ذلك، كشف مصدر طبي أنه تم العثور على ملفات المرضى بحالة جيدة، الأمر الذي ساعد في استعادة جزء من الخدمات وعودة العمل تدريجيًا داخل المستشفى، مشيرًا إلى تسجيل أكثر من ثلاثة آلاف حالة إدمان بمخدر “الآيس” خلال الفترة الأخيرة، وهو رقم يعكس عمق الأزمة النفسية والاجتماعية التي خلفتها الحرب.
وزارة الصحة تتعهد بإعادة التأهيل
أكدت وزارة الصحة بولاية الخرطوم التزامها بدعم جهود إعادة تأهيل مستشفى التجاني الماحي وتوفير المستلزمات اللازمة لتشغيله بشكل كامل. وتأتي هذه الخطوة ضمن خطة أوسع لإعادة بناء المنظومة الصحية في العاصمة، وتقديم الدعم للمناطق المتضررة من النزاع.
تزايد التشرد والاضطرابات النفسية في المدن السودانية
رصدت تقارير محلية زيادة مقلقة في أعداد المرضى النفسيين والمشردين في مدن مثل عطبرة ووادي حلفا، حيث يعيش العديد منهم في الشوارع دون رعاية طبية أو مأوى. وأعرب السكان عن قلقهم من تفاقم الظاهرة التي تعكس حجم التدهور الاجتماعي والنفسي في البلاد، مطالبين الجهات المختصة بتدخل عاجل لإيجاد حلول جذرية.
غياب التوثيق يعيق جهود العلاج والتخطيط الصحي
ورغم تزايد الحالات، لا تزال الفجوة في التوثيق الرسمي والإحصاءات الطبية تمثل عقبة أمام جهود التخطيط والاستجابة الصحية، منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023. وأكد خبراء أن غياب قاعدة بيانات وطنية حول الصحة النفسية في السودان يعيق وضع سياسات علاجية فعالة ومستدامة لمواجهة الأزمة المتفاقمة.