من هم هؤلاء الاجانب الذين قصدهم الجنرال كباشي ؟

0

جاءت الاخبار قبل قليل اليوم السبت ١٠/ يونيو الجاري من “وكالات” وأفادت تحت عنوان (بالفيديو كباشي : السودان يواجه غزوا أجنبيا ومرتزقة أتى بهم من خارج البلاد)، أن نائب القائد العام للقوات المسلحة السودانية شمس الدين كباشي قال “ السودان يواجه غزوا أجنبيا ومرتزقة أتى بهم من خارج البلاد”، مجددا التأكيد على “تماسك الجيش ووحدته” وداعيا إلى “تجنب الاستماع للشائعات” بحسب تعبيره. وذكر كباشي، في مقطع مصوّر هو مع مجموعة من الجنود نشرته صفحة القوات المسلحة السودانية على تويتر، أن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان يدير المعركة بنفسه مع هيئة القيادة. وقال شمس الدين كباشي، نائب القائد العام للقوات المسلحة السودانية، الجمعة، إن قوات الجيش “متماسكة” في معركتها مع قوات الدعم السريع.- انتهى خبر وكالات-

الشيء الهام في الخبر والملفت للنظر، ان نائب القائد العام للقوات المسلحة السودانية شمس الدين كباشي قد تعمد عن قصد عدم ذكر أي تفاصيل تتعلق حول من هم هؤلاء المرتزقة الذين ذكرهم في تصريحه، ولا من اين جاءوا هؤلاء الغزاة؟!!

كان الواجب علي الجنرال كباشي بحكم منصبه العسكري الرفيع، ان يقول كل الحقائق للضباط والجنود بلا دس أو مواربة خصوصا والدولة في حالة حرب شرسة دخلت يومها الـ(٥٥) ولم يعد هناك شيء يمكن اخفاؤه ، ان يضع النقاط فوق الحروف حول هوية هؤلاء المرتزقة الاجانب من هم ومن اين جاءوا؟!!، ومن يقوم بتمويلهم؟!! ، كان الواجب العسكري عليه قبل كل شيء، ان يوضح لـ(رفقاء السلاح) الذين اجتمع معهم حقيقة من يقاتلون؟!!

تصرف الجنرال كباشي الغريب وتهربه من الافصاح عن هوية من قال عنهم انهم مرتزقة، هو تصرف ليس بالغريب ولا بالحدث الفريد النادر في نوعه بالسودان، فقد درجت العادة منذ سنوات ا بعد الاستقلال حتي يومنا هذا، ان كل المسؤولين الكبار الذين عاصرناهم في زمان حكمهم البلاد سواء كانوا مدنيين او عسكريين عدم الخوض والإفصاح العلني إذا كان الامر يتعلق بمواقف سلبية صدرت من دولة أخرى تجاه السودان، كانوا يتجنبون في تصريحاتهم الرسمية عدم ذكر اسماء الدول والشخصيات الاجنبية لا من بعيد او قريب اذا كان الموضوع يمس الجوانب السلبية بين البلدين.

بخصوص عدم خوض المسؤولين في تفاصيل تتعلق بدول اخري، اذكر هذه الواقعة التي حدثت في عام  ١٩٧٧، ومفادها، ان الرئيس النميري وقتها رفض قطع علاقات السودان مع مصر بعد زيارة السادات تل ابيب عام ١٩٧٧ والقي هناك في الكنيست خطابه الشهير، وكانت كل الدول العربية قد اتخذت قرار اجماعي الزم كل الدول العربية قطع العلاقات مع القاهرة ونقل الجامعة العربية الي تونس، قرار السودان اغضب ليبيا غضب شديد وقام بشن هجوم ضاري علي النميري، قامت الاذاعة السودانية برد مماثل وهاجمت القذافي وسياسته طوال ايام عديدة، عندها قامت طائرة حربية ليبية بقصف دار الاذاعة في امدرمان بتوجيهات من القذافي شخصيا، عندما وقع القصف الليبي رفضت الحكومة السودانية ذكر الدولة  المعتدية وصرحت ان طائرة مجهولة قصفت الاذاعة السودانية!!، وبعد ثلاثة من وقوع الحادث اضطرت الحكومة تجاه غضب الجماهير من سكوت المسؤولين وان تعلن اسم الدولة المعتدية وهي ليبيا.

حادثة اخري شبيهة بالاولي، قامت الطائرات الاسرائيلية في يوم ٦/ ابريل ٢٠١١ بقصف مدينة بورتسودان واودي الحادث بتدمير سيارة ووفاة سائقها، رفضت وزارة الدفاع وقتها الاعلان عن هوية الطائرة وظلت تردد ان القصف تم بواسطة طائرة مجهولة!!، وبعد يوم واحد من القصف اعترفت الحكومة الاسرائيلية طائراتها الحربية هي التي استهدفت السيارة في بورتسودان لان سائقها السوداني هو تاجر سلاح وقام بتهريب اسلحة الي قطاع غزة عبر صحراء سيناء، عندها ما كان من حل اخر الا ان تقوم حكومة الخرطوم بالاعلان الرسمي عن هوية الطائرة المعتدية!!

عودة الي كباشي الذي لزم الصمت تجاه موضوع من هم المرتزقة الذين قدموا من الخارج للسودان. واقتبس ما جاء في موقع” ن بوست” بتاريخ 16/06/2019، ونشر  تحت عنوان “يلة الاعترافات الكبرى.. دلالات كذب عسكر السوادن بشأن فض الاعتصام”:
(أ)- لا يزال الاحتقان يسيطر على الأجواء والتطورات السياسية في السوادن، ويتصدر فض المجلس العسكري الانتقالي في الـ3 من يونيو/حزيران لاعتصام الثوار المطالبين بنظام مدني في البلاد وتداعياته جميع المواقف  المحتقنة، ويلقي بظلال على استئناف التفاوض بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، خاصة بعد اعتراف المجلس بفض الاعتصام وسقوطه في شباك التناقضات.

(ب)-روايات متضاربة عن فض الاعتصام:
كانت أقوال الفريق شمس الدين كباشي رئيس اللجنة السياسية بالمجلس العسكري الانتقالي السوادني مرسلة، وفاضت بالاعترافات الكبيرة والخطيرة، ومنها ما جاء قصدًا أو غفلة أو اضطرابًا في الرواية، فتارة يتحدث عن إحباط أكثر من انقلاب تم التخطيط له ضد المجلس، وتارة يقر بأن المجلس أمر بفض الاعتصام لكن أخطاء في التنفيذ وقعت خلال العملية، وتارة أخرى يتحدث عن إخلاء منطقة كولومبيا لدواعٍ أمنية وفقًا للقانون. ربما لم يقدِّر عضو المجلس العسكري خطورة ما قاله في شأن وضع رئيس القضاء يحيى الطيب أبوشورة ورئيس النيابة الوليد سيد أحمد في دائرة الاتهام لأول مرة، وإقراره في غفلة منه بتورطهما في فعل انتهى بقتل وسفك دم غزير.

(ج)- وفي ختام حديثه تحدث كباشي، وهو الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري الانتقالي، عن اجتماع لا ينعقد مثله إلا في شأن المعارك المفصلية الكبرى في التاريخ، ففي مؤتمر صحفي يوم الخميس الماضي، قال كباشي: “دعونا لاجتماع موسع حضره كل أعضاء المجلس العسكري الانتقالي وقادة القوات النظامية والمسلحة (رئيس الأركان ورئيس هيئة الاستخبارات العسكرية ومدير جهاز الأمن والمخابرات ونائبه ومدير عام الشرطة ونائبه وقات الدعم السريع)، وطلبنا أيضًا من رئيس القضاء والنائب العام أن يحضرا هذا الاجتماع لتقديم المشورة القانونية”.

(د)- تقف رواية الفريق شمس الدين كباشي عن فض الاعتصام – الذي راح ضحيته أكثر من 100 شخص – عارية من الصدق بعد تكذيب ادعاءاته بالحصول على رأي قانوني من رئيس النيابة ورئيس القضاء الذي ترجاه أن يصحح ما بثه من خبر غير دقيق عن ذلك الاجتماع. كل هذا يترك المجلس العسكري الانتقالي يخوض في غمار حيرته، ويجعل منه متورطًا، فأقواله وأفعاله بشأن المجزرة ستكون محل تحقيق دولي أو وطني، حتى إن نفى تورطه فإن لقطات الفيديو التي بدأت في الظهور بشكل يومي لوقائع ذلك الصباح الدامي تؤكد أن القصد كان اعتصام القيادة.
-إنتهي الاقتباس من موقع ” ن بوست”-

واخيرا، سكوت كباشي عن المرتزقة لم ياتي من فراغ، فهو لا يريد تكرار الخطأ الذي ارتكبه عام ٢٠١٩ بعد وقوع مجزرة القيادة العامة في يونيو من نفس العام، هذا الخطأ الذي قلب كل شيء راسا علي عقب، واضاع هيبة المجلس العسكري ومن فيه.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com