
سودانير.. 40 طائرة خلال 79 عاماً..شروط الإنطلاق
استوقفتني احصاءات عن اسطول الخطوط الجوية السودانية منذ نشأته في العام 1946 وهي فترة طويلة تقترب من الثماني عقود، وتوضح الأرقام أن الشركة العريقة وخلال 79 عاماً امتلكت مايقارب من ال 40 طائرة.
والإحصاءات التي سعينا للاستيثاق من صحتها تشير إلى أنه في فترة عقدي الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي فإن الشركة بدأت عملياتها بأربع طائرات من طراز دي هافلاند (دوف) بسعة 8 مقاعد،وفي عام 1952، أُضيفت تسع طائرات دوغلاس دي سي-3 بسعة 28 مقعدًا،وفي أوائل الستينيات، انضمت سبع طائرات فوكر 27 للخدمة على الخطوط الداخلية والإقليمية.
اما في عقدي السبعينيات والثمانينيات فقد شهدت هذه الفترة تحديثًا للأسطول بإضافة 4 طائرات بوينغ 707 و 2 طائرات بوينغ 737-200، وطائرتين فوكر 50 , مما وسّع نطاق الوجهات الداخلية والعالمية لتشمل مدنًا في أفريقيا، آسيا، أوروبا، والشرق الأوسط.
في التسعينيات تم تعزيز الأسطول بطائرتي ايرباص 600-300 في عهد الدكتور ياسين الحاج عابدين، وفي عهد اللواء نصر الدين تمت اضافة ٦ طائرات ايرباص 310 واحدة وايرباص 600-300 اثنتين إيرباص وطائرتين فوكر 50 وايرباص 310 شحن مستأجرة وإيرباص إيه 320، و طائرتين خفيفتين للطيران الخاص.
واستناداً على هذه الاحصائيات فإنها تعني اذا اعتبرنا أن عمر سودانير 80 عاما فإنه يتم اضافة طائرة واحدة بمعدل كل عامين رغم ان هذا لم يحدث وقياسا عليه فإن الشركة ومنذ مايقارب من العشرون عاما الأخيرة لم تشهد إضافة طائرات لاسطولها حيث ظلت تعتمد على طائرة الايربص 320.
وقراءة هذه الاحصائيات من ناحية ايجابية فإنها توضح قدرة سودانير على الصمود في سوق متجدد وتنافسية شرسة من واقع امتلاك الشركات الأخرى إمكانيات التحديث في اساطيلها من الطائرات، ووجود سودانير رغم هذه الظروف يعود إلى وجود المكون البشري الذي يستند على خبرة كبيرة تساعده على تجاوز الصعب.
اما الجانب السلبي فإنه يوضح عدم إهتمام الحكومات المتعاقبة بالشركة بالقدر المطلوب الذي يتسق مع قدراتها التنافسية واستنادها على خبرات كبيرة وولاء.
و بافتراض أن هذه الاحصائيات صحيحة فإنها لاتتسق مطلقا مع شركة عريقة عملاقة يفترض بها أن تمتلك اسطول متجدد وحديث من الطائرات، وأعتقد أن الحجر الذي رماه الكابتن عادل المفتي على البركة الراكة أسهم بردود الأفعال الواسعة التي اوضحت رفض خصخصة الشركة مجددا فإنه مؤشر يفترض أن تضعه الدولة في الحسبان، وقد رسم الكثير من الخبراء ومنسوبي ومعاشي الشركة خارطة الطريق التي تسهم في استعادة سودانير مكانتها في القمة.
وبخبرتي المتواضعة عن الطيران وسودانير اعتقد ان الحل يكمُن عطفا علي ما أشار إليه الخبراء في منح الشركة الاستقلالية الكاملة ولو لفترة تجريبية لسنوات، وبذلك تحافظ على صبغتها الحكومية وفي ذات الوقت تنتهج مرونة القطاع الخاص الذي يكفل لها التعامل بعيدا عن البيروقراطية والتدخلات الحكومية التي يجب أن تقتصر فقط على المراجعة السنوية للحسابات وخلاف ذلك تبدو غير مطلوبة لأنها تُكبّل انطلاقة سودانير التي بإمكانها إنشاء شركات أخرى للمناولة الأرضية، وحدة التموين، الصيانة، الشحن الجوي، الطيران الخاص وغيرها وهي ستكون بمثابة الروافد للشركة الأم، ولنا في تجربة الخطوط الإثيوبية نموذجا يمكن اقتفاء اثره، كما أن تجربة بدر وتاركو توضح أن استقلالية الإدارة تساعد على التطوير.