اخبار

الخرطوم تستعيد أنفاسها: عودة الحياة بعد الركام (التفاصيل كاملة)

الخرطوم تستعيد أنفاسها: عودة الحياة بعد الركام
بعد أكثر من خمسة أشهر من توقف الحياة في العاصمة السودانية الخرطوم، إثر الحرب التي عصفت بالبلاد وخلفت وراءها دماراً واسعاً، بدأت بوادر التعافي تطفو على السطح، وإن كانت ببطء شديد. فقد بدأت الحياة تعود تدريجيًا إلى المدينة التي طالها الدمار من كل جانب، وتُسجّل العاصمة الآن مرحلة “النهوض البطيء والتعافي المحدود” مع استمرار المعاناة وتحديات ما بعد الحرب.
مواطنون يعبرون الجسور… والذاكرة مثقلة بالدمار
في تطور لافت، سمحت السلطات للمواطنين بعبور الجسور التي تربط مدن العاصمة الثلاث (الخرطوم، أم درمان، والخرطوم بحري)، لتفقد منازلهم وممتلكاتهم. هذا القرار حمل طابعًا رمزيًا مهمًا، إذ يشير إلى تحسّن نسبي في الوضع الأمني، ويمنح الأمل بعودة الحياة إلى مجراها الطبيعي، وإن كان ببطء.
وفي إطار هذا الانفتاح التدريجي، أصدر والي ولاية الخرطوم، أحمد عثمان حمزة، توجيهًا بفتح شارع النيل – أحد الشرايين الحيوية في المدينة – أمام حركة المرور، بالإضافة إلى فتح الطرق الرئيسية الأخرى، بهدف تسهيل تنقل المواطنين وتخفيف معاناتهم اليومية. وأكد الوالي أن إعادة تطبيع الأوضاع وتوفير الخدمات الأساسية تمثل أولوية قصوى لحكومة الولاية، مشددًا على أهمية استعادة الأمن والاستقرار كشرط أساسي للتعافي.
بين الأمل والتحديات
رغم هذه الخطوات الإيجابية، لا تزال العاصمة السودانية تواجه تحديات جسيمة تعيق عودتها الكاملة إلى طبيعتها. فآثار الدمار لا تزال ماثلة للعيان، من مبانٍ منهارة إلى بنى تحتية مدمّرة، إلى جانب الانقطاع المستمر في الخدمات الحيوية مثل الكهرباء والمياه والرعاية الصحية. كما أن الوضع الأمني، وإن شهد تحسنًا نسبيًا، ما يزال هشًا، وتنتشر في بعض الأحياء مظاهر التفلت والنهب، ما يزيد من صعوبة عودة المواطنين إلى مناطقهم.
وعلى الصعيد الاقتصادي، فقد العديد من السكان مصادر رزقهم بسبب توقف الأنشطة التجارية والخدمية، مما فاقم من معاناة المواطنين وزاد من صعوبة مرحلة التعافي.
فرض الأمن… مفتاح الاستقرار
أكد والي الخرطوم أن السلطات الأمنية تعمل بصورة مستمرة لمكافحة مظاهر التفلت وفرض هيبة الدولة. وأشار إلى أن الأجهزة الأمنية تبذل جهودًا كبيرة للقبض على الخارجين عن القانون وتقديمهم للعدالة. ودعا المواطنين إلى التعاون مع السلطات والإبلاغ عن أي مظاهر للانفلات، مؤكدًا أن الأمن هو حجر الأساس لعودة الحياة إلى طبيعتها.
مبادرات أهلية… نور وسط الركام
في خضم هذه التحديات، يُبرز المشهد الدور المحوري الذي يلعبه المجتمع المحلي. فقد بدأت تتشكل مبادرات مجتمعية وأهلية تهدف إلى تنظيف الأحياء، ترميم المرافق المتضررة، وتقديم الدعم للمتأثرين من الحرب. ورغم تواضع الإمكانيات، إلا أن هذه الجهود تُعد بارقة أمل تُعزز من قدرة المجتمع السوداني على تجاوز المحنة، وتُثبت أن التكاتف الشعبي هو السبيل الحقيقي لإعادة البناء واستعادة الحياة.
خلاصة القول
الخرطوم تقف اليوم عند مفترق طرق بين الألم والأمل. فبينما تئن المدينة تحت وطأة الدمار، تتشكل تدريجيًا ملامح عودة الحياة بفضل تضافر الجهود الرسمية والمجتمعية. الطريق طويل وشاق، لكن الخطوات الأولى قد بدأت، وتبقى الإرادة الجماعية، واستمرار الدعم، والمضي قدمًا في ترسيخ الأمن، أساسًا لانبعاث الخرطوم من تحت الرماد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com