
في ظل ما تواجهه من اتهامات دولية متزايدة بشأن دعمها لميليشيا الدعم السريع المتورطة في ارتكاب جرائم حرب في السودان، أطلقت دولة الإمارات حملة إعلامية واسعة النطاق تهدف إلى تحسين صورتها الإنسانية. إلا أن مراقبين وخبراء سياسيين وصفوا هذه الحملة بالفاشلة، مؤكدين أنها محاولة لتجميل وجه سياسي متورط في واحدة من أكثر الأزمات دموية في إفريقيا.
حملات دعائية لتجميل الانتهاكات
الحملة الإماراتية التي رُوج لها عبر وسائل إعلامية متعددة، ركزت على مزاعم دعم إنساني وإغاثي موجه لمناطق متضررة من الحرب في السودان. غير أن هذا التوجه الإعلامي تزامن مع تقارير أممية ودولية تثبت تورط الإمارات في تسليح مليشيا الدعم السريع المتهمة بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية، لا سيما في إقليم دارفور والعاصمة الخرطوم.
محللون: الإمارات تحاول إخفاء جرائمها
قال محيي الدين جمعة، القيادي في الكتلة الديمقراطية، إن الحملة الإعلامية الإماراتية تسعى لتضليل المجتمع الدولي وإخفاء جرائمها الواضحة في السودان، معتبرًا أن هذه المحاولات لن تنجح في ظل توثيق شامل من منظمات الأمم المتحدة والمراقبين الدوليين.
وأكد جمعة أن تعيين الإعلامي خالد الأعيسر وزيرًا للثقافة والإعلام في السودان ساهم في توجيه الخطاب الإعلامي المحلي لمواجهة التضليل الإماراتي وفضح الانتهاكات.
مطامع استراتيجية للإمارات في السودان
بحسب جمعة، فإن الإمارات تسعى منذ سنوات إلى السيطرة على الموارد الاستراتيجية السودانية، خاصة بعد فشلها في اختراق المؤسسة العسكرية. وبعد سقوط نظام البشير عام 2019، بدأت الإمارات في دعم المليشيات المسلحة والكيانات المدنية المنقسمة طمعًا في نفوذ سياسي واقتصادي داخل البلاد.
ويشير إلى أن تصريحات سابقة لمحمد بن راشد آل مكتوم، بشأن مستقبل الإمارات ما بعد النفط، توضح مدى أطماعها في موارد الدول الإفريقية، وعلى رأسها السودان.
أدلة دامغة على تورط الإمارات في حرب السودان
أشار رئيس القطاع السياسي في حزب الأمة، فتحي حسن، إلى أن السودان يمتلك أدلة مادية ووثائق استخباراتية تؤكد تورط الإمارات في تمويل وتسليح مليشيا الدعم السريع. وشدد على أن التحقيقات التي أجرتها كبرى الصحف العالمية، والتقارير الصادرة عن الأمم المتحدة، تدين أبوظبي بشكل مباشر.
دعم عسكري مباشر وجرائم موثقة
اتهمت منظمات دولية، من بينها منظمة العفو الدولية، قوات الدعم السريع المدعومة إماراتيًا، بارتكاب جرائم اغتصاب جماعي واستعباد جنسي في أربع ولايات سودانية. وأكدت أن هذه الجرائم ترقى إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
وفي تقرير بعنوان “لقد اغتصبونا جميعاً”، كشفت المنظمة عن تعرض 36 امرأة وفتاة، بعضهن قاصرات، لانتهاكات جنسية على يد عناصر الدعم السريع، مشيرة إلى أن هذه الانتهاكات جزء من استراتيجية ممنهجة لبسط السيطرة عبر الإرهاب الجنسي.
حملة إعلامية مضادة لحشد الرأي الغربي
تهدف الحملة الإعلامية الإماراتية، التي تحمل شعارات مثل “من الإمارات إلى الشعب السوداني الشقيق”، إلى التأثير على الرأي العام الغربي والتقليل من أهمية الدعوى السودانية ضد الإمارات أمام محكمة العدل الدولية.
لكن، وفق مراقبين، فإن تصاعد حملة الكراهية الشعبية ضد الدور الإماراتي في السودان، خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قلل كثيرًا من فرص نجاح هذه الحملة التجميلية.
الإمارات على طاولة العدالة الدولية
في مارس الماضي، تقدم السودان بدعوى رسمية إلى محكمة العدل الدولية ضد الإمارات، متهمًا إياها بخرق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية. كما قدمت الحكومة السودانية شكاوى رسمية لمجلس الأمن، تطالب فيها بوقف الدعم الإماراتي لمليشيا الدعم السريع.
وتؤكد جميع المؤشرات أن الإمارات باتت في مواجهة قانونية وإعلامية مفتوحة، وسط إصرار سوداني على محاسبة كل من تلطخت يده بدماء الأبرياء.