عالى الموقع
اخبار العالم

لماذا الإمارات؟ صراع النفوذ والمصالح مع الدول العربية

لماذا الإمارات؟ صراع النفوذ والمصالح مع الدول العربية

في السنوات الأخيرة، أصبحت الإمارات العربية المتحدة لاعباً مركزياً في خريطة النزاعات العربية، متجاوزة أدوارها الاقتصادية والتجارية لتتجه إلى سياسات تدخل مباشر أو غير مباشر في شؤون دول عدة مثل السودان، اليمن، الجزائر، وليبيا. هذا التحوّل أثار تساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء هذه السياسات، وهل هي دفاع عن الأمن القومي كما تدعي، أم صراع نفوذ إقليمي ومحاولة لإعادة تشكيل المنطقة وفق رؤيتها الخاصة.

السودان: دعم ميليشيات لخلق واقع جديد

منذ اندلاع الحرب في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وُجّهت أصابع الاتهام بشكل متكرر إلى الإمارات، خصوصاً بعد ضبط شحنات أسلحة وتكنولوجيا عسكرية متطورة تعود لها في مناطق الصراع. تشير تقارير إلى دعم إماراتي مباشر لمليشيا الدعم السريع، وهو ما يُفسّر استمرار الحرب رغم الدعوات الدولية للتهدئة. الدعم لا يقتصر على التسليح، بل يمتد إلى الدعم اللوجستي والمالي والإعلامي، ما يعكس رغبة إماراتية في بسط النفوذ على مراكز القرار في السودان بعد الثورة.

الجزائر: كوابيس الثورات ومخاوف من عودة التيارات الإسلامية

الجزائر، الدولة ذات التاريخ الثوري الطويل، تُنظر إليها في أبوظبي كتهديد محتمل لنموذج الحكم القائم فيها. فالإمارات تخشى تكرار سيناريوهات “الربيع العربي” الذي أطاح بحلفاء لها في تونس ومصر. تقارير عدة تحدثت عن تمويل شبكات إعلامية وصفحات إلكترونية تسعى لإثارة البلبلة في الداخل الجزائري، فضلاً عن محاولات اختراق النخبة الاقتصادية والسياسية. كما لوحظ التوتر في العلاقات الرسمية، لا سيما بعد تصريحات مسؤولين جزائريين عن ضرورة احترام السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.

اليمن: أطماع الموانئ وإضعاف الشرعية

منذ تدخل التحالف العربي في اليمن، انتهجت الإمارات استراتيجية موازية للتحالف السعودي، ركّزت على تأمين وجود عسكري دائم في الجنوب اليمني، خصوصاً في الموانئ الحيوية كعدن وسقطرى. بينما كانت الحرب تُخاض ضد الحوثيين في الشمال، عملت الإمارات على تشكيل فصائل مسلحة تابعة لها، مثل المجلس الانتقالي الجنوبي، لفرض واقع انفصالي يخدم مصالحها التجارية والجيوسياسية. هذا التوجه أضعف الشرعية اليمنية وأطال أمد الصراع.

ليبيا: دعم العسكر لمواجهة الثورة

في ليبيا، دعمت الإمارات اللواء خليفة حفتر في حربه ضد حكومة الوفاق المعترف بها دولياً. هذا الدعم تضمن إرسال أسلحة وطائرات مسيّرة وخبراء عسكريين، بحسب تقارير الأمم المتحدة. الهدف لم يكن فقط القضاء على الإسلاميين كما يروّج له الخطاب الرسمي، بل تأسيس نظام عسكري تابع يؤمن مصالح الإمارات في شرق المتوسط، خصوصاً مع التنافس على الموارد الطاقوية.

لماذا تفعل الإمارات ذلك؟

تستند السياسات الإماراتية إلى فلسفة سياسية ترى في الثورات والديمقراطيات الناشئة تهديداً مباشراً لنموذجها السلطوي. كما تسعى الدولة الصغيرة ذات الموارد الضخمة إلى تأمين دور إقليمي يفوق وزنها الجغرافي والديمغرافي، مستفيدة من فراغ القوة في المنطقة، وضعف بعض الدول العربية، وغياب مشروع عربي موحد.

الخلاصة

تحركات الإمارات في الدول العربية ليست عشوائية، بل تنبع من رؤية استراتيجية تهدف إلى إعادة تشكيل الإقليم بما يتوافق مع مصالحها الأمنية والاقتصادية والسياسية. لكن هذه السياسات أثبتت أنها تثير اضطرابات أكثر مما تحل، وتُعمّق الانقسامات بدلاً من معالجتها. والنتيجة: منطقة تغلي بالصراعات، تغيب فيها الحلول السياسية لصالح مقاربات القوة والنفوذ.


اسفل الموقع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com