المولد النبوي في السودان.. طقوس صوفية تصنع هوية أمة

المولد النبوي في السودان.. طقوس صوفية تصنع هوية أمة
مع حلول شهر ربيع الأول من كل عام، تتحول الساحات الكبرى في السودان، وفي مقدمتها ساحة الخليفة بأم درمان، إلى فضاء روحاني نابض بالحياة. هناك يتداخل عبق البخور مع دقات الطبول وإيقاعات النوبات، بينما تصدح حلقات الذكر بأسماء الله في انسجام جسدي وروحي مهيب. ترتفع الرايات الملونة التي تميز الطرق الصوفية، وتزدان الأسواق الشعبية بضحكات الأطفال وهم يتسابقون نحو “حلاوة المولد” وألعابها التقليدية.
هذه الأجواء البهيجة، التي تبلغ ذروتها في ذكرى المولد النبوي الشريف، لا تُعد مجرد احتفال ديني عابر، بل تمثل مكوناً أصيلاً من مكونات الهوية الثقافية والاجتماعية السودانية. غير أن هذا المشهد العريق يثير تساؤلات تاريخية عميقة: كيف رسخ السودانيون هذا التقليد الذي لم يرد ضمن الأعياد الإسلامية الرسمية؟ متى دخل إلى وادي النيل، وما العوامل التي شكّلت طابعه الخاص ليصبح علامة فارقة في التجربة الروحية والاجتماعية للسودان