اقتصاد

الحكومة السودانية تعلن الحرب !

الحكومة السودانية تعلن الحرب على مهربي الذهب وتطلق حزمة إجراءات لإنقاذ الاقتصاد

بورتسودان، 6 أكتوبر 2025 – في خطوة حاسمة تهدف إلى استعادة السيطرة على موارد الدولة ومكافحة اقتصاد الحرب، أعلنت الحكومة السودانية عن حزمة من القرارات الاقتصادية الصارمة، واضعةً نصب عينيها وقف نزيف الذهب ومحاربة شبكات التهريب التي تغذي الصراع وتعمق الأزمة الاقتصادية في البلاد.
جاء ذلك في أعقاب اجتماع هام للجنة الاقتصادية عُقد في مدينة بورتسودان الساحلية، ترأسه رئيس مجلس الوزراء، الدكتور كامل إدريس. وتعكس هذه القرارات تحولاً استراتيجياً في تعامل الحكومة مع التحديات الاقتصادية التي تفاقمت بفعل الحرب المستمرة منذ أبريل 2023، والتي أدت إلى انكماش حاد في الاقتصاد الوطني.

قرارات استراتيجية للسيطرة على شريان الاقتصاد

في قلب الإجراءات الجديدة، يأتي قرار تكليف بنك السودان المركزي بالتدخل المباشر في سوق الذهب، عبر فتح منافذ لشراء المعدن النفيس مباشرة من مناطق الإنتاج بسعر البورصة العالمي. ويهدف هذا الإجراء إلى قطع الطريق أمام المهربين والتجار غير الشرعيين الذين يستحوذون على جزء كبير من إنتاج البلاد. ولدعم هذه الخطوة، ستتولى الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس مسؤولية فحص ومعايرة الذهب لضمان جودته وإدخاله في القنوات الرسمية.
وإدراكاً لحجم التحدي، وجهت اللجنة بتشكيل قوة مشتركة من الأجهزة النظامية، تُمنح صلاحيات واسعة ودعماً كاملاً لملاحقة شبكات التهريب والمضاربة. ويأتي هذا القرار مصحوباً بتأكيد على ضرورة الإسراع في سن تشريعات جديدة تعتبر التهريب جريمة تمس الأمن القومي وتستوجب عقوبات رادعة.
القرار الرئيسي
الجهة المسؤولة
الهدف الأساسي
شراء الذهب بسعر البورصة
بنك السودان المركزي
ضبط تجارة الذهب وزيادة العائدات الرسمية
فحص ومعايرة الذهب
هيئة المواصفات والمقاييس
ضمان جودة الإنتاج وإدخاله في النظام الرسمي
تشكيل قوة مشتركة
الأجهزة النظامية
حماية الاقتصاد ومكافحة التهريب والمضاربة
تشديد قوانين التهريب
السلطة التشريعية
ردع المتورطين واعتبار التهريب جريمة أمن قومي
وقف استيراد “الطبالي”
الجهات التنفيذية
ضبط عمليات الاستيراد والالتزام بالقنوات الرسمية

مواجهة اقتصاد الظل

تأتي هذه
الإجراءات في وقت يواجه فيه السودان وضعاً اقتصادياً حرجاً. فقد انكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تقارب 42% خلال السنوات الثلاث الماضية، لينخفض من 56.3 مليار دولار في عام 2022 إلى ما يقدر بنحو 32.4 مليار دولار بنهاية عام 2025 [1]. وتفاقم العجز التجاري ليصل إلى أكثر من 9 مليارات دولار في الربع الأول من العام الحالي وحده.
وتُعد ظاهرة تهريب الذهب واحدة من أكبر التحديات التي تستنزف الاقتصاد السوداني. تشير التقديرات إلى أن ما بين 50% إلى 80% من إنتاج الذهب يتم تهريبه إلى خارج البلاد عبر قنوات غير رسمية، مما يكلف الخزينة العامة خسائر سنوية تتراوح بين 7 و 10 مليارات دولار [2, 3]. ورغم هذا النزيف الهائل، لا يزال الذهب يمثل شرياناً حيوياً، حيث ساهم بنحو 48% من إجمالي عائدات الصادرات الرسمية بقيمة تجاوزت 2 مليار دولار.
يقول الخبير الاقتصادي، د. محمد الناير، في تصريح للجزيرة نت: “إن 50% من الذهب المنتج بالسودان يخرج منه عن طريق التهريب، وبالرغم من هذا ساهم بنسبة 48% من عائدات الصادرات بقيمة تجاوزت ملياري دولار في العام الماضي” [4].

أمل في استعادة الاستقرار

أكد رئيس الوزراء، د. كامل إدريس، أن الملف الاقتصادي يمثل أولوية قصوى للحكومة، مشدداً على الالتزام بتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية وتعزيز الانضباط المالي والنقدي. وتهدف الحكومة من خلال هذه الحزمة من الإجراءات ليس فقط إلى وقف تمويل الحرب من عائدات الموارد المنهوبة، بل أيضاً إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتحسين الوضع المعيشي للمواطنين على المدى الطويل.
ولضمان التنفيذ الفعال، قررت اللجنة تشكيل لجنة مصغرة برئاسة وزير المالية لمتابعة تطبيق هذه القرارات على أرض الواقع. ويبقى نجاح هذه “الحرب الاقتصادية” مرهوناً بقدرة الحكومة على فرض سيطرتها على الأرض وتفكيك الشبكات المعقدة التي تدير اقتصاد الظل وتستفيد من حالة عدم الاستقرار التي تعيشها البلاد.
تابع قناة اخبار السودان على الواتساب ليصلك جديد الاخبار (اضغط هنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com