الضغوطات تحمل أبو ظبي نحو السودان.. فهل يستغل البرهان الخطوة
الضغوطات تحمل أبو ظبي نحو السودان.. فهل يستغل البرهان الخطوة لتتويج اتفاق مرضي للسودانيين؟
تقرير: أخبار السودان
أربكت المكالمة الهاتفية التي جرت بين رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، ورئيس دولة الإمارات، محمد بن زايد، المشهد السوداني وقلبته رأسا على عقب. في وقت اتفق فيه جميع المراقبين على أن المكالمة التي جمعت الرجلين تعتبر الخطوة الأكبر في مسيرة إنهاء الحرب التي بدأها حميدتي بتمرده صباح 15 أبريل من العام الماضي.
ضغوطات وراء المكالمة
حسب مراقبين، فإن الوقائع والظروف المحيطة تدفع باتجاه تصديق رواية مجلس السيادة السوداني، الذي قال إن البرهان هو من تلقى المكالمة وأن رئيس الإمارات هو من بادر بالاتصال وليس كما نقلت وكالة الأنباء الإماراتية.
ويرى المراقبون أنه لا يختلف اثنان في أن دولة الإمارات كانت الراعي الرسمي للمليشيا المتمردة في حربها ضد السودان، وهذه الرعاية كانت بالمال والسلاح وشراء المرتزقة، وكان الهدف الأكبر هو السيطرة على السودان وتشكيل حكومة موالية للإمارات. حسب متابعين، فإن الهدف الثاني حال فشل الأول هو السيطرة على إقليم دارفور وتشكيل حكومة هناك.
فشل الدعم السريع
وفق قرائن الأحوال، فإن الهدفين فشلا تماما، حيث فشل الدعم السريع في السيطرة على الفاشر، التي قتل فيها أكثر من 15 ألف متمرد على أسوارها على مدى شهور من بينهم الرجل الثالث في المليشيا علي يعقوب. في الخرطوم والوسط، تحول الدعم السريع إلى عصابات للنهب والسلب بلا هدف مركزي، وهو أمر جر سخطا كبيرا على دولة الإمارات، اضطرت معه، بحسب مراقبين، لفتح قنوات تواصل مع الحكومة السودانية لإنهاء الحرب والخروج بأقل الخسائر.
وأشار المراقبون إلى أن زيارات نائب وزير الخارجية السعودي ورئيس الوزراء الإثيوبي لبورتسودان مؤخرا كانت تهدف لإقناع البرهان بالتواصل مع القيادة الإماراتية لإنهاء الحرب. وعطفا على جميع هذه الوقائع، يصدق المراقبون رواية مجلس السيادة السوداني بتلقي البرهان لمكالمة بن زايد وليس العكس.
الفاشر بداية النهاية
يعتبر الكاتب الصحفي ومدير قناة الجزيرة بالسودان، المسلمي الكباشي، أن معركة الفاشر كانت مفصلية، حيث أقنعت جميع الأطراف بفشل الدعم السريع في تحقيق الهدف الأقل وهو السيطرة على دارفور، ما دفعهم للاتجاه نحو السلام. أستاذ العلوم السياسية عثمان عمر أضاف أن نجاح خطة الجيش في جر مليشيا الدعم السريع من هدفها المركزي المتمثل في استلام السلطة وخلق نظام سياسي بديل إلى مجرد عصابات تنهب وتفتك بالمواطنين، دفع الداعمين لها لبحث سبل لإيقاف هذه الفوضى لعدم تحمل تكلفتها الأخلاقية.
نتائج التفاوض
يرى دكتور عثمان أن الجيش السوداني لا يزال في وضع أفضل عسكريا، مما يمكنه من إنهاء هذه الحرب وفق شروطه عبر طاولة التفاوض. وأكد أن التواصل مع الإمارات كأكبر دولة داعمة للتمرد ليس غاية وإنما وسيلة ضمن وسائل أخرى، وأن تطويع هذه الوسيلة لتحقيق نهاية للحرب تراعي مصالح الشعب هو ما يجب أن تعمل عليه الحكومة السودانية، وألا تقبل بأنصاف الحلول. كما أكد أن إنهاء الحرب ودمج الدعم السريع وتسريح بعضه وإبعادهم من المنازل والمدن شروط لا يتنازل عنها السودانيون، وأن الأمر بات ممكنا في ظل تماسك الجيش السوداني وموقفه في الميدان.
الخلاصة
اتصال رئيس دولة الإمارات برئيس مجلس السيادة، بغض النظر عمن بادر بالخطوة، هو واقع فرضه موقف الجيش السوداني على الأرض. ويرى المراقبون أن أبو ظبي شعرت بتورطها في حرب السودان وثقلت عليها تحمل تكلفتها الأخلاقية العالية في عالم لم يعد يصمت على مثل هذه الانتهاكات التي تمارسها المليشيا بالسودان. لذا لجأت أبو ظبي للتواصل مباشرة مع القيادة السودانية، متوافقة في ذلك مع الرياض وواشنطن، اللتين تريدان إنهاء الحرب لقطع الطريق أمام التقارب السوداني الروسي، وما يتمخض عنه من قاعدة روسية في البحر الأحمر. جاءت المكالمة الهاتفية عقب تسرب أخبار عن زيارة البرهان إلى روسيا الأسبوع المقبل. هذه المستجدات وغيرها، تضع السودان وجيشه في موقف قوة للتوقيع على نهاية الحرب وفق شروط منبر جدة.