منوعات
اختارتها سودانير لتغطية رحلاتها.. بدر للطيران بين المنافسة والشيطنة

اختارتها سودانير لتغطية رحلاتها.. بدر للطيران بين المنافسة والشيطنة
كعادة كل نجاح حقيقي، لم تسلم بدر للطيران من سهام الشيطنة والإشاعات ومحاولات اغتيال نجاحها. فمنذ بداياتها الأولى، وضعت الشركة لنفسها خطاً واضحاً قوامه المنافسة الشريفة والاعتماد على الكفاءة والاحترافية في إدارة أعمالها. غير أنّ نجاحها في اقتحام سوق الطيران السوداني والإقليمي، وقدرتها على الاستمرار رغم الظروف الاقتصادية والسياسية العاصفة، جعل منها هدفاً سهلاً للمغرضين.
ومضت بدر من نجاح إلى نجاح، فكانت كشجرة الصندل؛ كلما رُميت بالفؤوس، عادت الفؤوس مُعطّرة بعبيرها. ورغم أنّ بعض ضعاف النفوس حاولوا استغلالها كحلقة ضمن حلقات متعددة لتهريب الذهب، إلا أنّ الحكمة كانت ديدنها، ولم تتردد في أن يكون منسوبوها هم أول المبلغين، لتؤكد أنّ سمعتها أثمن من أي مكسب عابر.
ومن مواقفها الإنسانية التي تُحسب لها، أنّها لم تلجأ إلى إجراءات تعسفية ضد منسوبيها أثناء إغلاق البلاد بسبب جائحة كورونا في 2020، بل واصلت دفع مرتباتهم كاملة، في وقتٍ كانت فيه شركات طيران عالمية كبرى قد سرّحت موظفيها أو أوقفت مرتباتهم. ولم تكتفِ بذلك، بل قامت بنقل عدد مقدر من العالقين إلى أرض الوطن دون مقابل، لتُثبت أن قيمها الوطنية والإنسانية لا تقل أهمية عن نجاحها التجاري.
تحملت بدر للطيران في صبر وأناة الرسوم الباهظة للتأمين بعد اندلاع الحرب وأثناءها، ولم تختر طريق التوقف رغم كلفته الأخف، بل آثرت الاستمرار وهي تدرك أن السودان يحتاجها أكثر من أي وقت مضى. كما تحملت عبء شراء وقودها من بورتسودان بالعملة الحرة، في وقتٍ أحجمت فيه كثير من الشركات عن المخاطرة أو المغامرة في سوقٍ ملتهب.
ويكفي للدلالة على مكانتها وثقة الآخرين فيها، أن شركة الخطوط الجوية السودانية نفسها اختارتها لتغطية رحلاتها بدلاً عن إلغائها أثناء فترة صيانة طائرتها، في مشهد يعكس روح التكامل الوطني، ويؤكد أن بدر للطيران لم تكن منافسًا فحسب، بل سندًا حقيقيًا للناقل الوطني في أصعب الظروف.
لقد واجهت بدر للطيران تلك الحملات والمصاعب بالمزيد من العمل الصامت والإنجازات الملموسة، فلم تنجر إلى معارك جانبية، بل جعلت من الجودة والالتزام بمعايير السلامة والتوسع المدروس أدواتها للرد. ولعل أبرز ما يميزها أنها لم ترفع شعار المنافسة الشريفة نظرياً، بل جسّدته عملياً في تعاملها مع العملاء، وفي علاقاتها التعاقدية مع الشركاء الإقليميين والدوليين.
وما رسّخ مكانة بدر أكثر أنّها لم تكتفِ بدورها التجاري، بل وضعت نفسها في قلب المسؤولية الوطنية، فكانت حاضرة في أصعب لحظات الحرب والاضطراب. نقلت العالقين، ساعدت في الإغاثة، وحافظت على استمرار حركة الطيران في وقتٍ انقطع فيه الأمل عن كثيرين. وبذلك أثبتت أنّها ليست مجرد شركة تبحث عن الربح، بل ذراع وطني استراتيجي يسند السودان في محنه ويشارك في صياغة مستقبل أفضل لقطاع الطيران.