تدويل الميدان العسكري في السودان: أزمة جديدة تلوح في الأفق
في ظل تصاعد الأزمة السودانية وانعدام الحلول الداخلية الفعّالة، بدأ الحديث عن تدويل الميدان العسكري يأخذ حيزًا أكبر من الاهتمام، خاصة بعد تصريحات المبعوث الأمريكي الخاص بالسودان، توم بيريللو، التي قال فيها إنهم فتحوا قنوات اتصال مع الاتحاد الأفريقي لإعداد قوات تدخل لحماية المدنيين في السودان. هذا التصريح يعكس تلويحًا بالتدخل الدولي بعد فشل المفاوضات السابقة التي جرت في سويسرا ضمن إطار الآلية المعروفة بـ ALPS.
تحذير من التدخل الأجنبي
التلويح بالتدخل العسكري الأجنبي في السودان لم يكن في محله، خاصة في مرحلة حساسة كهذه. حيث بدأ المجتمع الدولي يولى الأزمة السودانية اهتمامًا متزايدًا على المستويات الإقليمية والدولية. تدخل أجنبي قد يثير أصوات قوى الممانعة في السودان التي ترفض التفاوض من الأساس، وقد يؤدي إلى تحشيد شعبي ضد التدخل الخارجي. ما يزيد من تعقيد المشهد، هو إمكانية أن تجد التنظيمات المتطرفة بيئة مناسبة للنمو والنشاط تحت ذريعة مقاومة التدخل الأجنبي.
تصريحات بيريللو: إثارة غير ضرورية؟
على الرغم من أن تصريحات المبعوث الأمريكي اقتصرت على فتح قنوات تواصل، وهي خطوة أولية لم تصل إلى قرار أو تنفيذ، إلا أنها كانت كافية لإثارة الجدل والغبار السياسي. هناك مخاوف من أن يتم نقل النقاش من التركيز على الحلول التفاوضية إلى ميدان المعركة التي ستعزز من شعارات مقاومة التدخل الأجنبي. من الحكمة أن يقوم المبعوث الأمريكي بالتراجع أو إعادة تفسير هذه التصريحات قبل أن تصاعد الأمور.
الاتحاد الأفريقي وموقف مصر: أمل في تجنب التدويل
التلويح بالتدخل العسكري لن يمر بسهولة داخل الاتحاد الأفريقي. فالأمر يعتمد بشكل كبير على مجلس السلم والأمن الأفريقي الذي يتمتع بقدر من الاستقلالية عن باقي هياكل الاتحاد. وتلعب مصر، التي تترأس هذا المجلس حاليًا عبر سفيرها لدى إثيوبيا، الدكتور محمد جاد، دورًا رئيسيًا في ذلك.
مصر، باعتبارها الدولة الأكثر تأثرًا بالأزمة السودانية، بسبب التدفقات السكانية الكبيرة ولأسباب تتعلق بالأمن القومي المصري، تستطيع استخدام ثقلها الإقليمي والدولي لمنع تدويل الأزمة. زيارة وفد مجلس السلم والأمن الأفريقي لبورتسودان مؤخرًا قد تكون إشارة إيجابية نحو إيجاد حل أفريقي للأزمة وتجنب السيناريو الدولي الذي لوح به المبعوث الأمريكي.
دروس من دارفور: التدخل الأجنبي ليس الحل
التجربة السابقة مع قوات بعثة “يوناميد” في دارفور أظهرت أن التدخل الأجنبي لم يكن فعالًا في حماية المدنيين. بل على العكس، كانت قوات الأمم المتحدة نفسها تستنجد بالجيش السوداني لحمايتها من الهجمات. هذا يبرز أن القوات الدولية قد لا تكون قادرة على تحقيق الأهداف المرجوة، وربما تزيد من تعقيد الوضع.
الطريق الأمثل: البل
رغم كل الصعوبات والتعثر الذي قد تواجهه مسارات التفاوض، يظل الحوار هو البل لإنهاء الأزمة السودانية.
النصر لقواتنا المسلحة