
كشفت جريمة غرب أم درمان المروعة الوجه الحقيقي لعصابات مليشيا آل دقلو الإجرامية. لقد سقطت كل الأقنعة، وتجلى أمام الجميع الوجه القبيح للتمرد، بلا مساحيق ولا خداع. لقد مثلت هذه المجزرة تتويجًا دامغًا لمسار طويل من الجرائم التي دأبت المليشيا على ارتكابها، وهي جرائم حاولت طمسها أو التخفيف من بشاعتها أمام الرأي العام. غير أن ما حدث في غرب أم درمان كان فاضحًا إلى درجة جعلت القتلة يوثقون جريمتهم بأنفسهم، بالصوت والصورة، بل ويفتخرون بها، في مشهد يندر أن يسجله التاريخ. عندما تصبح الجريمة جزءًا من تكوينك وسلوكك اليومي، فإن دماء الضحايا والأبرياء تلاحقك أينما ذهبت، وتظل لعنتها معلقة بك إلى يوم الحساب. من السذاجة أن يصدق أحدٌ مزاعم قادة هذه العصابات حين يتبرؤون من مرتكبي المجزرة، ويزعمون أنهم لا يتبعون لهم. فكيف يمكن تصديق القاتل الذي لم يعد يخجل حتى من توثيق فظائعه؟ إن مجزرة غرب أم درمان لم تكن مجرد جريمة، بل كانت شهادة دامغة على السقوط الأخلاقي الكامل لهؤلاء الذين جعلوا من الإجرام وسيلتهم الوحيدة للبقاء.