بعد إيقاف «لينا».. وزارة الإعلام تواجه أسئلة صعبة حول ضبط المشهد الإعلامي

بعد إيقاف «لينا».. وزارة الإعلام تواجه أسئلة صعبة حول ضبط المشهد الإعلامي
أثارت خطوة وزارة الثقافة والإعلام والسياحة بإيقاف مديرة مكتب قناتي «العربية» و«الحدث» في السودان، لينا يعقوب، جدلاً واسعًا بين مؤيد للقرار ومتسائل عن مدى كفاية الإجراء، ومتهم للوزارة بالتساهل تجاه تجاوزات إعلامية أوسع. القرار أعاد فتح ملف دور الوزارة في تنظيم المشهد الإعلامي خلال فترة استثنائية تمر بها البلاد، وما إذا كانت الإجراءات المتخذة كافية لردع التضليل الإعلامي وحماية الأمن الوطني.
الوزارة بررت الإيقاف بوقائع قالت إنها تجاوزات مهنية متكررة شملت بث معلومات غير موثقة، نشر روايات من مصادر مجهولة، تداول تفاصيل عسكرية حساسة، واستخدام مشاهد تمثيلية مدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي دون وضوح، ما أدى، بحسب البيان، إلى تضليل الرأي العام والإضرار بمصلحة الدولة. البيان تضمن حصرًا لمخالفات وصفتها الوزارة بأنها تنتهك المعايير المهنية المتعارف عليها دوليًا.
ردود الفعل كانت متباينة؛ فبعض الناشطين والمهتمين طالِبوا الوزارة باتخاذ خطوات أقوى منذ بداية الأزمة، مثل إنشاء مركز إعلامي مركزي، تنظيم مؤتمرات صحفية موحدة، وفرض ضوابط نشر واضحة على القنوات الأجنبية العاملة في السودان، معتبرين أن التراخي أسهم في انتشار الشائعات ولغة إعلامية شديدة الاستقطاب على منصات التواصل. وفي المقابل، عبّر آخرون عن قلقهم من اتخاذ إجراءات قد تُفهم كقمع للحريات، مطالبين بمنح المراسلة حق الدفاع والاطلاع على تفاصيل الاتهامات قبل إصدار أحكام نهائية.
انتقادات لاذعة لامست أيضًا أداء الوزارة على صعيد ضبط خطاب الإعلامي العام؛ فهناك من رأى أن إيقاف شخص واحد إجراء شكلي لا يوازي حجم التجاوزات المعلنة، ودعا إلى مساءلة أوسع تشمل القنوات والممارسات التي تُعرض الأمن القومي للخطر. وذهب فريق آخر إلى التساؤل عن مصادر المعلومات التي اعتمدت عليها الوزارة، ومدى شفافية وحيادية تحقيقاتها، مؤكدين على أهمية التوازن بين حرية الصحافة والمسؤولية المهنية في لحظة أمنية حاسمة.
في المشهد العام، يبرز سؤال مركزي: هل يكفي إيقاف إعلامية واحدة لمعالجة «فوضى النشر» ووقف التضليل، أم أن المطلوب حزمة إجراءات مؤسسية تشمل تنظيم الأطر القانونية، تعزيز الرقابة الإعلامية المهنية، وتفعيل قنوات رسمية موثوقة لنقل المعلومات خلال الأزمات؟ كثيرون يعتقدون أن الحل في تكامل جهود الوزارة مع مؤسسات الدولة والإعلام الوطني والهيئات المهنية لضبط المعايير، بدلًا من خطوات فردية قد تبدو رمزية أمام تحديات أكبر.
القصاصة الختامية: القرار فتح نقاشًا وطنيًا حول حدود حرية الإعلام ومسؤولية الجهات الرقابية في زمن الأزمات، وما إذا كانت السياسات الحالية تكفي لحماية الأمن الوطني وضمان اطلاع الجمهور على حقائق موثوقة أم أنها تحتاج إلى مراجعات عاجلة وإجراءات أكثر شمولية.