منوعات

1914 أول هبوط طائرة بالسودان.. رحلة الطيران: من الأحلام إلى الإنجازات الحديثة

1. البدايات الأولى – وصول أول طائرة إلى السودان (1914)
شهد السودان عام 1914 حدثًا تاريخيًا عندما وصل الطيار الفرنسي مارك بوريل بطائرته المونوبلين (Monoplane) إلى الخرطوم، في رحلة محفوفة بالمخاطر من مصر. شجّع هذا الإنجاز الحاكم العسكري البريطاني اللورد كتشنر، وكان بمثابة أول بصمة للطيران في السودان، وأشار إلى أن السماء لم تعد حكرًا على الخيال، بل يمكن أن تصبح واقعًا ملموسًا أمام الجماهير.
2. ليندبرغ وعبور الأطلسي منفردًا (1927)
في 20 مايو 1927، أقلع الطيار الأمريكي تشارلز ليندبرغ من مطار روزفلت فيلد (Roosevelt Field) في لونغ آيلاند – بالقرب من بروكلين في نيويورك – على متن طائرته الشهيرة Spirit of St. Louis. استمرت رحلته 33 ساعة و30 دقيقة، قطع خلالها حوالي 5,800 كيلومتر قبل الهبوط في مطار لو بورجيه بباريس مساء اليوم التالي.
كان هذا أول عبور منفرد ودون توقف بين نيويورك وباريس، وأثبت إمكانية الطيران العابر للقارات. يُلاحظ أن مطار Floyd Bennett Field في بروكلين لم يُفتتح إلا عام 1931، أي بعد أربع سنوات من رحلة ليندبرغ، لذا فإن Roosevelt Field هو الموقع الفعلي لإقلاعه.
3. أميليا إيرهارت – الرائدة النسائية (1932)
في 20 مايو 1932، أصبحت الأمريكية أميليا إيرهارت أول امرأة تطير منفردة عبر المحيط الأطلسي، من نيوفاوندلاند بكندا إلى أيرلندا في حوالي 14 ساعة. هذا الإنجاز أظهر قدرة النساء على مواجهة التحديات الجوية، وألهم أجيالًا من الطيارين والمهندسين. رغم اختفائها عام 1937 أثناء محاولة الطيران حول العالم، بقيت رمزًا للشجاعة والإصرار.
4. ألان ج. ك. بانهام – لندن إلى جوهانسبرغ
في ثلاثينيات القرن الماضي، نفذ الطيار البريطاني ألان ج. ك. بانهام رحلة تاريخية من لندن إلى جوهانسبرغ، عابراً أوروبا وشمال أفريقيا، ثم الصحارى الشاسعة، متحديًا تقلبات الطقس وصعوبات الملاحة في زمن محدود الإمكانات، ما أسهم في تعزيز الثقة بخطوط الطيران الطويلة بين أوروبا وأفريقيا.
5. أطول رحلة في التاريخ – تيم وكوك بطائرة سيسنا 172 (1958)
في 1958، حلق الطياران الأمريكيان روبرت تيم وجون كوك بطائرة خفيفة سيسنا 172 لمدة 64 يومًا و22 ساعة و19 دقيقة دون توقف، محققين رقمًا قياسيًا عالميًا ما يزال قائمًا. اعتمدت الرحلة على التزود بالوقود أثناء الطيران عبر شاحنات أرضية وخراطيم، مع التناوب بين القيادة والراحة وحتى صيانة الطائرة في الجو، لتكون نموذجًا مذهلاً للصبر والمهارة والهندسة العملية.
6. الأسس العلمية والهندسية للطيران
كل هذه المحاولات لم تكن ممكنة بدون فهم قوانين الفيزياء والأسس الهندسية:
• إسحق نيوتن: قوانين الحركة الثلاثة والجاذبية، لفهم قوى الدفع والمقاومة والرفع.
• قانون الطفو (Archimedes’ Principle): لفهم تأثير الهواء والسوائل على الأجسام.
• مبدأ برنولي (Bernoulli’s Principle): تفسير تولد قوة الرفع عبر اختلاف الضغط فوق وتحت جناح الطائرة، وهو أساس علم الأيروديناميك (Aerodynamics).
ساهم المصممون البارزون مثل ألبرتو سانتوس دومون، Glenn Curtiss، Hugo Junkers، Anthony Fokker، Donald Douglas في تحويل هذه المبادئ إلى هياكل وموديلات عملية للطائرات، لتصبح الطائرة آلة قادرة على التحليق بأمان عبر القارات.
7. التطورات الحديثة – اختراق حاجز الصوت والطائرات العملاقة
مع منتصف القرن العشرين، شهد الطيران قفزات نوعية:
• تشاك ييغر اخترق حاجز الصوت عام 1947 بطائرة Bell X-1، ما فتح الباب للطيران الأسرع من الصوت.
• شركات أمريكية كبرى مثل بوينغ (Boeing) ونورثروب (Northrop Corporation) أنتجت طائرات مدنية وعسكرية متطورة، مثل B-2 Spirit و747 Boeing، مستخدمة أحدث تصميمات الأيروديناميك ومواد متقدمة.
• المدرسة الأوروبية، ممثلة بإيرباص، أضافت التوازن للتطور الجوي العالمي، مع ابتكارات في الطائرات التجارية الكبيرة والرحلات العابرة للقارات.
خاتمة
من هبوط أول طائرة في الخرطوم عام 1914، مرورًا بـ رحلات ليندبرغ وإيرهارت وبانهام، وصولًا إلى الرحلات الاستثنائية لطائرات سيسنا وابتكارات بوينغ ونورثروب، يظهر أن تاريخ الطيران ليس مجرد مغامرات فردية، بل سلسلة من الإنجازات العلمية والهندسية التي حولت الحلم إلى واقع ملموس. هذه الإنجازات أسست لعصر جديد من السفر عبر القارات، وجعلت السماء متاحة للجميع، مع توازن متقن بين العلم، التصميم، والشجاعة الإنسانية.
تابع قناة اخبار السودان على الواتساب ليصلك جديد الاخبار (اضغط هنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com