درس الحرب.. تبعية الطيران وموارده.. إعادة نظر
منذ الرابع عشر من أبريل العام 2023 فإن الدولة السودانية تواجه إمتحان هو الأصعب منذ نشأتها، والحرب التي تدور رحاها ويعلو فيها صوت البندقية منذ 13 شهرا رسّخت قناعة أن السودان بعد الحرب يجب ألا يمضي على ذات النهج الذي كان سائدا قبل إندلاع القتال.
وعلى صعيد قطاع الطيران فإن الكثير من المعطيات والشاهد تؤكد أن الحرب ورغم أنها اوقعت اضرار فادحة عليه إلا أنها كانت بمثابة الضوء الذي كشف حقائق ماكانت لتظهر وتتحول إلى قناعة لولا الظرف الاستثنائي الذي واجهه هذا القطاع الاستراتيجى.
وأهم الحقائق التي يفترض أن تكون عنوان بارز للمرحلة القادمة أن يُترك أمر هذه الصناعة لأهلها بعيداً عن فرض وصايا الحكومات المتعاقبة التي ظلت تفرض سيطرتها ذات الأبعاد السياسية لتطغي على الجوانب المهنية البحتة.
قطاع الطيران في السودان يستند على كفاءات على درجة عالية من الخبرة التأهيل وتحمل الصبغة العالمية وتملك القدرات الكافية لوضع الاستراتيجيات التي تكفل للقطاع النهوض، وهذا يعني بالضرورة النظر إلى أمر تبعية الطيران وماهو الاجدي، هل يستمر تابعاً لوزارة الدفاع أم يحصل على استقلاليته بإنشاء وزارة او مفوضية تتولي أمرهما ذات كوادر الطيران وفقاً لاختيار من قاعدة القطاع.
وعلى ذات الصعيد فإن أبرز الدروس المستفادة من الحرب أن موارد الطيران لو ذهبت نحو مقصدها لتمكن القطاع بكل سهولة من امتصاص أثر الصدمة خاصة على صعيد البني التحتية و إمكانيات الشركات الوطنية.
فإذا افترضنا وقياسا على الاحصاءات أن الإيرادات السنوية للطيران تبلغ فقط 600 مليون دولار فإن هذا المبلغ خلال عشرة أعوام يبلغ ست مليار دولار وهو كافٍ خلال هذه الفترة لإنشاء مطارات وتوفير أحدث أجهزة السلامة بها علاوة على التدريب ودعم الشركات الوطنية وعلي رأسها سودانير، وهذا يعني حتمية ان ترفع الدولة خلال فترة مابعد الحرب يدها تماما عن إيرادات الطيران وان تبحث عن موارد أخرى بديلة وذلك حتى ينهض هذا القطاع ويصمد أمام المتغيرات التي ظلت سمة بارزة للدولة السودانية منذ فجر الاستقلال.
ووضع أي استراتيجية قبل حسم الجدل حول تبعية قطاع الطيران وعدم تصرف الحكومات في موارده لن تنهض بالقطاع بالصورة المطلوبة لأنها لم تخاطب جذور ازمته الحقيقية الممثلة في التبعية والموارد.
قد يعجبك ايضا