منازل الخرطوم المهجورة… عروض للبيع ولا أحد يرغب في شرائها !

منازل الخرطوم المهجورة… عروض للبيع ولا أحد يرغب في شرائها
تشهد سوق العقارات في العاصمة السودانية الخرطوم ركوداً غير مسبوق، إذ تتزايد عروض بيع المنازل والأراضي السكنية بينما يغيب الطلب بشكل شبه كامل. فبعد أن كانت الخرطوم قبل الحرب التي اندلعت في أبريل 2023 وجهة مفضلة للاستثمار العقاري للمغتربين ورجال الأعمال، تحولت اليوم إلى سوق مشبع بالعروض وفاقد لمقومات الجذب، نتيجة الأوضاع الاقتصادية والأمنية وتدهور العملة الوطنية.
كثير من المواطنين اضطروا إلى عرض منازلهم للبيع بعد أن لحقت بها أضرار كبيرة أو بسبب انعدام القدرة على إعادة إعمارها، فيما يفضل آخرون الانتقال إلى مناطق أكثر أمناً أو الاستثمار في ولايات بعيدة عن بؤرة الصراع. لكن المعضلة تكمن في غياب المشترين، إذ تراجعت الأسعار إلى أدنى مستوياتها التاريخية من دون أن ينعكس ذلك على حركة البيع.
ويرى أصحاب المكاتب العقارية أن السوق يعيش حالة انهيار واضحة، فالمنازل التي كانت تباع بمبالغ كبيرة فقدت جزءاً كبيراً من قيمتها، وأصبحت الأراضي التي تجاوز سعر المتر المربع فيها 1200 دولار لا تتجاوز اليوم 800 دولار في بعض الأحياء. أما الأحياء الراقية في شرق الخرطوم، التي كانت تنافس كبريات المدن العربية في أسعارها، فقد تحولت إلى مناطق نزاع تفتقر إلى الخدمات الأساسية من كهرباء ومياه، ما أفقدها جاذبيتها تماماً.
ويحذر خبراء الاقتصاد من التسرع في بيع العقارات خلال هذه الفترة، مؤكدين أن الأسعار الحالية لا تعكس قيمتها الحقيقية، وأن أي قرارات متسرعة قد تؤدي إلى خسائر كبيرة لأصحابها. كما يشيرون إلى أن السوق يعاني من شلل شبه كامل بسبب صعوبة الوصول إلى العقارات، وتعطل مكاتب التوثيق القانونية، فضلاً عن الأوضاع الأمنية التي تجعل الاستثمار العقاري في الخرطوم محفوفاً بالمخاطر.
وفي ظل هذه التحديات، تبقى الأنظار موجهة إلى مستقبل السوق العقاري في السودان، وسط تساؤلات حول إمكانية عودة الخرطوم إلى موقعها السابق كإحدى الوجهات الاستثمارية البارزة في المنطقة، أم أن الحرب ستترك بصمتها لسنوات طويلة على القطاع العقاري.