مقالات الراى

المناولة الأرضية في مطار الخرطوم.. بين الفوضى التنافسية وفرصة الإصلاح

المناولة الأرضية في مطار الخرطوم.. بين الفوضى التنافسية وفرصة الإصلاح
قبل اندلاع الحرب، شهد مطار الخرطوم تنافسًا محمومًا بين إحدى عشرة شركة مناولة أرضية، كانت جميعها تقدم خدماتها في ظل غياب ضوابط واضحة تحكم جودة الأداء أو توحيد الأسعار. وعلى مدى ثمانية أشهر، تمت متابعة تلك الشركات ميدانيًا ورصد أدائها بدقة، حتى كادت المراقبة تكشف معظم تفاصيل العمل والعاملين فيه.
ملاحظات أساسية من فترة الرقابة الميدانية
أظهرت المتابعة وجود مشكلات لا حصر لها في طرق تقديم الخدمة، بدءًا من غياب الانضباط والسلامة المهنية داخل ساحات المطار، وصولًا إلى ممارسات قيادة متهورة داخل محيط الطائرات. كما بدا واضحًا أن هناك حربًا غير معلنة بين مقدمي الخدمة انعكست على الأسعار وجودة الأداء، حيث انخفضت أسعار المناولة إلى مستويات “مضحكة” مقارنة بالمنطقة والإقليم، خصمًا على جودة الخدمة وسلامتها.
فعلى سبيل المثال، بلغ سعر خدمة “The Turnaround” في أديس أبابا نحو 3,000 دولار، بينما كانت الخرطوم تقدم الخدمة نفسها مقابل 700 دولار فقط بسبب المنافسة السعرية المدمّرة. هذا الانخفاض الحاد شجع الشركات على خفض عناصرها البشرية وتقليص وقت الخدمة، مما أدى إلى انهيار جودة الأداء.
إعادة هيكلة منظومة المناولة
لمواجهة هذا الوضع، تم اقتراح حصر النشاط في ثلاث شركات فقط من أقدم الشركات العاملة، وهي:
• ماكس
• إير هاندلنق (أُعيدت تسميتها لاحقًا إلى “أهبة”)
• سودانير
على أن تدخل بقية الشركات كشركاء فرعيين لهذه الشركات الكبرى، وذلك ضمن خطة لضبط السوق وتحقيق التوازن بين المنافسة والجودة. كما أُجريت دراسة لتوحيد الأسعار المرجعية للخدمة، وتم اعتماد تعرفة 2,250 دولار للطائرات التي تستخدم الشحن اليدوي و 3,500 دولار للطائرات العاملة بنظام الكونتينر، بما يتناسب مع المعايير الإقليمية والعالمية.
أثر المنافسة على العنصر البشري وجودة الخدمة
تكمن خطورة المنافسة السعرية في تقليص عدد العاملين لكل رحلة بهدف خفض التكلفة، وهو ما أدى إلى تدنٍ واضح في جودة الخدمة وخرق لمبدأ الـ On-Time Performance (OTP)، أي الالتزام بالمواعيد الزمنية للرحلات.
هذا الخلل تسبب في:
• تأخيرات متراكمة في جداول الإقلاع والهبوط.
• تراجع انضباط شركات الطيران في الالتزام بالـ Slot Times.
• زيادة في الأخطاء التشغيلية، مثل تأخير الشحن أو تبديل الحقائب.
إن استمرار هذه الممارسات يقوّض سمعة المطار ويضر بموثوقيته الإقليمية، خاصة في ظل اشتراطات الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA) الصارمة حول الأداء الزمني.
ثغرة أمنية خطيرة: بطاقات الدخول
تشكل شركات المناولة الأرضية أكبر مستخدم لنظام بطاقات دخول المطار، إذ تُقدر البطاقات الممنوحة بحوالي 13 ألف بطاقة، معظمها صادرة لعاملين موسميين.
هذه الممارسة تمثل ثغرة أمنية بالغة الخطورة، لأنها تتيح دخول عدد كبير من الأفراد متغيري الهوية إلى مناطق التشغيل الحساسة، وهو ما قد يؤدي إلى سقوط المطار في أي تدقيق أمني دولي قادم.
لذلك، يجب مراجعة نظام التصاريح والبطاقات بشكل جذري، وتقييدها بالعاملين الدائمين فقط، مع ربطها بنظام تحقق إلكتروني دوري.
توصيات إصلاحية
1. تحديد حد أدنى إلزامي للعاملين لكل فئة طائرة.
2. ربط تراخيص الشركات بمؤشرات الأداء الزمني (OTP).
3. اعتماد أسعار مرجعية تغطي الحد الأدنى من متطلبات الجودة والسلامة.
4. مراجعة نظام بطاقات الدخول وتطبيق نظام بصمة أو هوية رقمية ذكية.
5. إنشاء مركز رقابة عملياتي مشترك بين سلطة الطيران المدني وإدارة المطار لمتابعة الأداء لحظيًا.
6. دمج الشركات الصغيرة في كيانات كبرى لضمان استدامة الخدمة وضبط التنافس.
تابع قناة اخبار السودان على الواتساب ليصلك جديد الاخبار (اضغط هنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com