جدل سياسي واسع بعد إعفاء وكيل وزارة الخارجية السودانية لهذا السبب !

أثار قرار رئيس الوزراء السوداني الدكتور كامل إدريس بإعفاء وكيل وزارة الخارجية حسين الأمين من منصبه، موجة من الجدل السياسي والإعلامي الواسع، وذلك بعد أن كان الأخير قد أصدر قراراً بطرد اثنين من كبار مسؤولي برنامج الأغذية العالمي (WFP) من البلاد، على خلفية ما وصفه بتصرفات تمس سيادة السودان وكرامته الوطنية.
وتعود تفاصيل القضية إلى أن وكيل الخارجية حسين الأمين أصدر توجيهاً رسمياً لمسؤولي البرنامج الأممي بمغادرة البلاد خلال مدة أقصاها اثنان وسبعون ساعة، استناداً إلى تقارير داخلية أفادت بأن بعض مسؤولي البرنامج احتفلوا بما وصف بـ“سقوط مدينة الفاشر” في ولاية شمال دارفور، الأمر الذي اعتبرته الخارجية سلوكاً غير مقبول يمس هيبة الدولة ومشاعر مواطنيها.
وأكد وزير الخارجية محيي الدين سالم في حينها أن القرار تم بالتنسيق الكامل مع مؤسسات الدولة، موضحاً أن الإجراء جاء “حفاظاً على الموقف الوطني ومراعاة لسيادة البلاد”، لافتاً إلى أن الوزارة لن تتهاون مع أي تجاوزات من قبل ممثلي المنظمات الدولية العاملة في السودان.
غير أن قرار الإعفاء الذي أصدره رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس بحق الوكيل حسين الأمين بعد أيام من الواقعة، فُسِّر على نطاق واسع بأنه تراجع مفاجئ عن الموقف الرسمي، وأثار تساؤلات حول خلفيات القرار وتوقيته، خاصة في ظل غياب بيان رسمي يوضح الأسباب.
وشهدت منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المحلية انقساماً واضحاً في الآراء، حيث اعتبر البعض أن رئيس الوزراء رضخ لضغوط خارجية من جهات دولية تسعى إلى تهدئة الموقف مع برنامج الأغذية العالمي، فيما رأى آخرون أن القرار جاء في إطار الحرص على استمرار التعاون الإنساني والدبلوماسي مع الأمم المتحدة والمنظمات العاملة في السودان، خصوصاً في ظل الأزمة الإنسانية المتصاعدة في دارفور.
من جهته، اعتبر الكاتب الصحفي الطاهر ساتي في مقاله الأخير أن ما حدث “يمثل تناقضاً مريباً في إدارة ملفات السيادة والعلاقات الخارجية”، متسائلاً: “لمن يغضب رئيس الوزراء حين يُعاقب من دافع عن كرامة بلده؟”، مؤكداً أن إعفاء الوكيل يبعث برسائل خاطئة للداخل والخارج حول حدود استقلال القرار الوطني.
ويرى مراقبون أن الحادثة كشفت عن تباين في مراكز صنع القرار داخل الدولة بين من يفضل التشدد في مواجهة ما يراه تجاوزاً للسيادة، ومن يدعو إلى انتهاج مسار دبلوماسي أكثر مرونة لتفادي التصعيد مع المؤسسات الدولية. كما اعتبر محللون أن الأزمة الأخيرة تعكس حساسية العلاقة بين السودان والمنظمات الأممية، في ظل أوضاع إنسانية معقدة وضغوط سياسية واقتصادية متزايدة.
ويُتوقع أن تظل هذه القضية محور نقاش داخل الأوساط السياسية والإعلامية خلال الأيام المقبلة، لما تحمله من دلالات حول توازن السلطة، وحدود السيادة، وطبيعة العلاقة بين الحكومة السودانية والمنظمات الدولية العاملة في البلاد.










