عندما سجلّنا قبل أشهر زيارة إلى مطاحن توتيل بالمنطقة الصناعية بكسلا فإن إدارتها أشارت إلى أن إنتاجها من الدقيق يغطي جزء كبير من حوجة كسلا، ولفتت وقتها إلى أن عودة الإستقرار إلى ولايتي الجزيرة وسنار يعني زيادة الطلب على السلعة الإستراتيجية.
وبالفعل هذا ماحدث، فعقب استرداد القوات المسلحة للجزيرة وسنار فإن المخزون الذي كان متوفرا في كسلا بدأ في التناقص إلى أن وصل لرقم كان بمثابة جرس إنذار من واقع عدم كفايته رغم الإنتاج والوارد من بورتسودان.
وقبل أن يشهد المخزون مزيدا من الإنخفاض شاءات الأقدار أن تعود واحدة من أكبر المطاحن في البلاد إلى العمل وهي روتانا التي وضعت الماضي خلف ظهرها ولم تتوقف عند محطة خسائرها الفادحة التي تكبدتها في الخرطوم حيث فقدت منشأتها والياتها واصولها، لادراكها أهمية دفع ضريبة الوطن بالابقاء على استثمارها في السودان رغم ظروف الحرب.
فكان أن عادت إلى التشغيل ببورتسودان بعد أن استوردت أحدث أجهزة وآليات الطحن وبدأت مباشرة في سد الحوجة بالبلاد وذلك لخفض معدلات الاستيراد.
و عودتها انعكست إيجاباً على ولاية كسلا التي استقبلت أمس عشرات الشاحنات التي تحمل على متنها عبوات مختلفة الأوزان من الدقيق الفاخر الذي اشتهرت به روتانا.
وأمام مكتب وكيلها بكسلا رجل الأعمال الشاب خضر إدريس طه تراصت الشاحنات لافراغ حمولتها من الدقيق في المخازن وكان هذا الأمر لافتاً للمارة بالطريق الذي يقع قبالته مقر روتانا.
ووصول دقيق مطاحن روتانا وكما أشار مدير إدارة التجارة والتموين أحمد آدم فإنه يعني الاطمئنان على المخزون من الدقيق لارتفاع نسبته وعدم وجود هاجس مستقبلا من نقصانه عقب إستئناف روتانا للتشغيل.
كما أن وصول عشرات الشاحنات التي تحمل على متنها الآلاف من جوالات الدقيق يعني المزيد من الإيرادات لحكومة الولاية التي تعاني في توفير موارد كافية تواجه بها التزاماتها خاصة التي تتعلق بالاجور والخدمات.
خلاصة الأمر فإن عودة دقيق روتانا إلى كسلا بمثابة تدعيم الأمن الغذائي لأنه يسهم بشكل كبير في إستمرار الإستقرار الذي تشهده الولاية في هذه السلعة التي بالغة الأهمية.